اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان في لبنان دولة " يجب ان تحافظ على هيبتها، وفيه قضاء يتولى حماية المواطنين وتطبيق القانون على المخالفين والمجرمين"، معتبراً انه ازاء ما حصل في منطقة الجبل يوم الاحد الماضي، على الجميع ان يتحمل مسؤوليته.
واشار الرئيس عون الى ان الحرب على الفساد "عملية مستمرة"، داعياً جميع اللبنانيين الى معاونة الدولة ومؤسساتها القضائية والرقابية في ما تقوم به لمكافحة الفساد والفاسدين، لافتاً الى ان كل الملفات يجب ان تفتح لتحقيق الاصلاح المنشود والتجاوب مع رغبات الناس وآمالهم في دولة تحفظ لهم حقوقهم وتدافع عن مصالحهم.
واكد رئيس الجمهورية انه بعد اقرار مشروع قانون الموازنة "يصبح لبنان على السكة الصحيحة"، محذراً من مطلقي الشائعات الذين يعمدون الى تخريب لبنان "بدلا من التشجيع على الصمود في ظل الازمات الكبيرة التي توالت علينا". واعرب الرئيس عون عن تفاؤله بالقدرة على ايجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض مسيرة الدولة. وقال :"اذا لم نحترم حرية الاخر والاختلاف في الرأي وحرية المعتقد، تسقط جمهوريتنا التي تقوم على هذه الركائز الثلاث، وهي ايضا العوامل التي تؤدي الى رقي الشعوب وتقديم الانماء والبناء لها".
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله له قبل ظهره اليوم في قصر بعبدا نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف ابو شرف مع اعضاء مجلس النقابة لمناسبة انتخابهم.
نقيب الاطباء
في مستهل اللقاء، تحدث النقيب ابو شرف شاكراً الرئيس عون على مواكبته المشاريع والقوانين التي انجزتها النقابة سابقا كالوصفة الطبية الموحدة، وقانون اذن مزاولة مهنة الطب والتخصص، وقانون تمويل صندوق التقاعد. واضاف: "امامنا الكثير من المشاريع النقابية واقتراحات قوانين كالهيئة اللبنانية العليا للتخصص، وحصانة الطبيب، وضمان صحي مدى الحياة، وضمان الشيخوخة وغيرها، ونتمنى ان تواكبنا فيها فترى نهايتها السعيدة في عهدكم".
وقال ابو شرف: "نقابتنا باتت صورة مصغرة عن بلدنا، والمنضوون فيها يريدون دولة حرة مستقلة قائمة على النزاهة والكفاءة والعدل، تراقب وتحاسب، تكافىء وتعاقب، وتؤمّن الحد الادنى لحياة كريمة. يريدون نهضة تربوية ثقافية واجتماعية واقتصادية وبيئية، يريدون استقلال المواطن عن الطائفية السياسية، والاقطاعية السياسية والدينية والمالية التي هدمت البلد. يريدون العودة الى العيش المشترك المتكافىء المتوازن الكريم، كما مارسته وآمنت به. يريدون اصلاحا حقيقيا وقضاء عادلا، وتنفيذا سريعا لكل الامور المعيشية ليعود لبنان بلد الخير والجمال والانسان".
الرئيس عون
ورحب الرئيس عون بالوفد، مشيداً بالدور الذي يلعبه الاطباء في لبنان والاداء النموذجي الذي يقدمونه في خدمة الطب والمرضى، ودعا الاطباء الى التكاتف من اجل تحقيق ما يبغونه من مطالب.
وتحدث الرئيس عون عن الوضع العام في لبنان، مشيراً الى الانجازات التي تحققت في العديد من المؤسسات الرسمية، اضافة الى الانجاز العسكري الذي حققه الجيش اللبناني بتطهير الجرود من الارهابيين. وقال الرئيس عون: " ان العملية الارهابية التي شهدتها طرابلس منذ فترة كانت فردية، ولم تؤثر بشكل عام على الاستقرار الامني الذي يعيشه لبنان. اما ما حصل في الجبل بالامس، فعلى الجميع تحمل مسؤولياته، في ظل وجود دولة يجب ان تحافظ على هيبتها، وقضاء يتولى حماية المواطنين وتطبيق القانون على المخالفين والمجرمين".
وتطرق الرئيس عون الى الحرب على الفساد، منوّهاً بما حصل في هذا السياق، ومنتقداً ابراز ما يحصل من اخطاء والتعتيم على ما يتم تحقيقه من ممارسات ايجابية.
واشار رئيس الجمهورية الى انه بعد الاجراءات التي اتخذت في مؤسسة قوى الامن الداخلي والقضاء، "هناك ايضاً مخالفات كبيرة ظهرت في الضمان الاجتماعي وهي تخضع للتحقيق على غرار ملفات كثيرة ظهرت في المرفأ. وعلى الرغم من رغبتنا في الانتهاء من كل الملفات بسرعة، الا ان النقص في عدد القضاة يحدّ من السرعة المطلوبة." وذكّر بما تم تحقيقه على صعيد وضع قانون انتخابي جديد بعد عقود طويلة، وموازنة كانت غائبة لسنوات، داعيا ًالى عدم الخوف لان "الوطن ماشي" رغم الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب بسبب مفهوم الاقتصاد الريعي الذي كان سائداً بدل الاقتصاد المنتج.
وشدد الرئيس عون على ان العمل الذي يتم بذله حالياً من اجل النهوض بالاقتصاد والصناعة وغيرها من المقوّمات الاساسية للوطن، يحتاج الى وقت. واضاف: "يمكن القول انه بعد وضع الموازنة الاخيرة، اصبح لبنان على السكة الصحيحة، الا ان مطلقي الشائعات حول قرب انهيار الوضع الاقتصادي والعملة الوطنية، يعمدون الى تخريب لبنان، فهذا الكلام غير صحيح ويهدف الى اجراءات معاكسة لما يتم اتخاذه بالعادة في اي بلد لتشجيع المواطنين على المساهمة في النهوض، حيث يشجع مطلقو هذه الشائعات على اخراج الاموال من لبنان، واسترجاع الاحداث التي رافقت ظروف افلاس "بنك انترا"، بدل ان يكون التشجيع على الصمود في ظل ازمات كبيرة توالت علينا من الازمة الاقتصادية العالمية الى ازمة الحروب في المنطقة التي حاصرتنا ، وصولاً الى ازمة النازحين السوريين وعرقلة عملية اعادتهم الى سوريا. لكننا استطعنا بمبادرة لبنانية اعادة 306 آلاف نازح دون انتظار الحل السياسي، اضافة الى تواجد اللاجئين الفلسطينيين وغيرها...".
وقال الرئيس عون " اننا نعمل على كل هذه المشاكل، وانا متفائل شخصياً بقدرتنا على ايجاد الحلول ومنها للمشاكل البيئية ايضاً، ولكن من المهم ان يعلم الناس ان الصراع في الاعلام لا يمكنه ان يؤدي الى نتيجة، ووحده القضاء يجب ان يحكم في الجرائم بدل الاستمرار في اعتماد الذهنية القديمة. واذا لم نحترم حرية الآخر والاختلاف في الرأي وحرية المعتقد، تسقط جمهوريتنا التي تقوم على هذه الركائز الثلاث، وهي ايضا العوامل التي تؤدي الى رقي الشعوب وتقديم الانماء والبناء لها".
لقاء الحقوقيين المستقلين
وموضوع مكافحة الفساد ودور المؤسسات الرسمية والاهلية فيه، كان محور بحث بين الرئيس عون ووفد "لقاء الحقوقيين المستقلين" برئاسة الوزير السابق بشارة مرهج الذي اطلعه على التوصيات التي صدرت عن المؤتمر الذي عقد في بيروت تحت عنوان "مكافحة الفساد في الجمهورية اللبنانية".
وخلال اللقاء، تحدث الوزير السابق مرهج شاكراً الرئيس عون على اهتمامه بمكافحة الفساد والجهد الذي يبذله في هذا المجال، مشيراً الى اهمية المؤتمر الذي انعقد وعدد ابرز توصياته ومها: استعادة الاموال العامة المنهوبة وتشكيل لجنة مختلطة من مؤسسات الرقابة اللبنانية والعربية والدولية، وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتفعيل قانون الاثراء غير المشروع وتعديل بعض بنوده التي لا تشجع الناس على الادلاء بمعلوماتها، ودعم الشفافية في قطاع البترول، وتطبيق قانون حق الوصول الى المعلومات وادخال تكنولوجيا المعلومات الى الادارة العامة، وتعزيز عمل هيئات الرقابة، وتحديث التنظيم الاداري وملء الشواغر وتعيين الهيئات الناظمة وتبسيط المعاملات، وتحسين بنية العمل، واعتماد اللامركزية الادارية، وفصل وزارة البلديات والشؤون القروية عن وزارة الداخلية نظراً الى اهمية العمل البلدي وضرورة متابعته من وزارة متخصصة.
الرئيس عون
ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد، ومشدداً على ان التوصيات الصادرة عن المؤتمر قد بدأ العمل بالفعل على العديد منها، وان محاربة الفساد قائمة في العديد من المؤسسات، رغم الخشية التي سادت لدى البعض عند البدء بها، الا انها عملية ستستمر وتتواصل، "فالفساد ليس وليد ساعته، وهو يظهر في كل دول العالم دون استثناء."
واوضح رئيس الجمهورية اننا في لبنان بحاجة الى تربية لمكافحة الفساد ووسائل وآليات لمواكبة هذه العملية، اضافة الى اجراءات من شأنها التسريع في البت بالدعاوى القضائية ككل، "ولكن هذه الامور لن تمنعنا من اكمال مسيرة مكافحة الفساد المتراكم عبر السنوات والذي ساهم في ازدياد حجم الدين".
الوزيرة والنائبة الاوسترالية مارلين كيروز
الى ذلك، استقبل الرئيس عون الوزيرة في حكومة ولاية فكتوريا الاوسترالية، اللبنانية الاصل السيدة مارلين كيروز، وعرض معها العلاقات اللبنانية- الاوسترالية وسبل تطويرها. كما تطرق البحث الى التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياحية. ورافق الوزيرة كيروز عدد من افراد عائلتها.
يذكر ان السيدة كيروز هي نائب ايضاً عن الولاية نفسها.
النائب فريد البستاني
على صعيد آخر، استقبل الرئيس عون النائب الدكتور فريد البستاني وعرض معه الاوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الاخيرة، ومسار درس مشروع قانون الموازنة، كما تطرق البحث الى حاجات منطقة الشوف ومشاريعها الانمائية والحياتية.
ووجه النائب البستاني دعوة الى الرئيس عون لحضور القداس الاحتفالي الذي سيقام في دير مار مارون مجد المعوش يوم الثلاثاء في 30 تموز الجاري لمناسبة عيد تلاميذ مار مارون. وسوف يرأس الذبيحة الالهية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ويعاونه الراعي الجديد لابرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر، والرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية الاباتي نعمة الله هاشم، ولفيف من الكهنة.