مع اقتراب انتهاء ولاية جيروم باول على رأس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، تتجه الأنظار في واشنطن والأسواق العالمية إلى هوية الرئيس المقبل لأقوى بنك مركزي في العالم.
تزداد الترقبات مع دخول السباق مرحلة أكثر حساسية، وسط مؤشرات على أن قرار الرئيس الأميركي بات قريباً، وأن المنافسة تدور بين مجموعة أسماء تحظى بمتابعة دقيقة من المستثمرين.
وبينما تواصل الإدارة الأميركية رسم ملامح المرحلة المقبلة للسياسة النقدية، تبرز في الكواليس تحركات مكثفة يقودها البيت الأبيض ووزارة الخزانة لاختيار الشخصية التي ستتولى قيادة المؤسسة خلال السنوات الحرجة المقبلة. الاهتمام الإعلامي والسياسي بلغ ذروته، مع تزايد الحديث عن المرشح الأقرب دون الإفصاح رسمياً عن اسمه.
وفي خضم هذه التوقعات، تتنامى المخاوف داخل الأوساط الاقتصادية بشأن مستقبل استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، في ظل إشارات متكررة من الأسواق إلى احتمال تغيّر نهج البنك المركزي وتزايد تأثير البيت الأبيض على مسار السياسة النقدية. وتضيف هذه الهواجس مزيداً من التعقيد إلى المشهد قبل الإعلان المرتقب عن المرشح النهائي.
قائمة مرشحين
في حين أن لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائمة بخمسة مرشحين نهائيين لمنصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم، فقد قال الأسبوع الماضي إنه يعتقد أنه يعرف من سيختار، دون أن يحدد شخصاً بعينه.
وقال ترامب للصحافيين في المكتب البيضاوي بشأن من سيخلف رئيس الاحتياطي الفيدرالي المنتهية ولايته جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو: "أعتقد أنني أعرف خياري بالفعل. أتمنى أن يُعيّن الرئيس الحالي فورًا، لكن البعض يُعيقني".
وكان وزير الخزانة سكوت بيسنت يقود عملية المقابلات وقال الأسبوع الماضي إن الرئيس سيجلس مع المرشحين قريبا.
والمرشحون الخمسة في القائمة المختصرة هم محافظا بنك الاحتياطي الفيدرالي كريس والر وميشيل بومان، ومحافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق كيفن وارش، والمستشار الاقتصادي لترامب كيفن هاسيت، ورئيس الدخل الثابت في بلاك روك ريك ريدر.
وألمح الرئيس مرتين الأسبوع الماضي أنه لا يزال متحيزًا إلى بيسنت، الذي قال مرة أخرى إنه لا يريد المنصب.
وقال المستشار الاقتصادي السابق لترامب، ستيفن مور ، إنه ينظر إلى السباق على رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي المقبل على أنه منافسة بين ثلاثة أشخاص: وارش، وهاسيت، وبيسنت - على الرغم من أن بيسنت ليس في السباق رسميًا، وفق ما نقله تقرير لـ "ياهو فاينانس".
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء نقلا عن أشخاص مطلعين على الأمر أن مستشاري وحلفاء ترامب يعتبرون هاسيت المرشح الأوفر حظا لخلافة باول.
المرشح الأوفر حظاً
يقول الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للبحوث، طارق الرفاعي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني التابع للرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره الاقتصادي المقرب، يُعد اليوم المرشح الأوفر حظًا شبه بإجماع الأسواق.
يُنظر إليه على أنه الأكثر توافقاً مع توجهات ترامب الداعية إلى خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع.
التغطية الإعلامية الأميركية تصفه مراراً بالخيار الأرجح لخلافة جيروم باول في رئاسة الاحتياطي الفيدرالي عند انتهاء ولايته في عام 2026.
يوضح الرفاعي أن المشهد لا يقتصر على هاسيت وحده، إذ تسلط الأسواق والمحللون الضوء أيضاً على كل من محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق كيفن وارش، ومحافظ الاحتياطي الفيدرالي الحالي كريستوفر والر، باعتبارهما أبرز البدائل المطروحة. ويشير إلى أن الثلاثة يُصنفون ضمن الشخصيات الأكثر ميلاً نسبياً لتبني سياسة نقدية تيسيرية، مع استعداد أكبر مقارنة بباول للاستجابة لضغوط البيت الأبيض نحو سياسة نقدية أكثر مرونة.
ويتابع الرفاعي أن قائمة المرشحين تضم كذلك محافظة الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان، إلى جانب المدير التنفيذي في بلاك روك ريك ريدر، إلا أن حظوظهما تُعد أقل مقارنةً بهاسيت ووارش ووالر، الذين يتصدرون معظم القوائم المختصرة ويُنظر إليهم باعتبارهم الخيارات الرئيسية لترامب.
وفي تصريحات نقلتها "فوكس نيوز"، قال مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يوم الأحد إنه سيكون "سعيدًا بالخدمة" إذا تم اختياره كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي ، مما يشير إلى انفتاحه على خلافة جيروم باول.
وأضاف: "لدى الرئيس ترامب مجموعة كاملة من المرشحين الرائعين، وأعتقد بأن أي واحد منهم سيكون بمثابة تنازل كبير عما نحن عليه الآن"، مشدداً على أن الأسواق استجابت بشكل إيجابي مع اقتراب الرئيس من اتخاذ القرار.
شبه إجماع
من جانبه، يوضح رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets ، جو يرق ، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:
هناك شبه إجماع في الأسواق حالياً على اقتراب تعيين كيفين هاست رئيساً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
الاحتمالات باتت مرتفعة جداً، خاصة بعد توليه حالياً رئاسة المجلس الاقتصادي في البيت الأبيض، وهو ما يمنحه ثقلاً وظيفياً كبيراً ويعزز فرص اختياره للمنصب.
أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الأسواق إلى الارتفاع خلال الأسبوع الماضي هو تصاعد التوقعات بتعيين هاست، لا سيما بعدما ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير الخزانة إلى إمكانية الإعلان عن التعيين قبل نهاية العام.
ويشير يرق إلى أن هاست يُعد من أبرز المنتقدين لسياسات جيروم باول، ويميل بوضوح إلى تبني سياسة نقدية أكثر تيسيراً، مؤكداً أن هاست صرّح الأسبوع الماضي بأن أسعار الفائدة يمكن أن تنخفض إلى ما دون 3 بالمئة، في وقت ترى فيه الأسواق أن مستوى تضخم عند 3 بالمئة يستدعي فائدة عند حدود 3 بالمئة باعتبارها الفائدة المقيدة.
ويضيف أن هناك خمسة أسماء مطروحة حالياً من قبل وزارة الخزانة، على أن يكون القرار النهائي بيد الرئيس ترامب، إلا أن الاتجاه الغالب في الأسواق يصب في صالح كيفين هاست.
ويختتم يرق بالتأكيد على أن الأسواق تلقت هذه التوقعات بإيجابية واضحة، متوقعاً أنه في حال تولي هاست رئاسة الفيدرالي في 2026، قد يشهد الاحتياطي الفيدرالي وتيرة خفض للفائدة أسرع وأقوى مقارنة بما اقترحه جيروم باول، مرجحاً أن تصل التخفيضات إلى نحو 75 نقطة أساس ضمن هذا المسار.