<
04 November 2025
شراكة درزية - مارونية لتعزيز الصمود الاقتصادي والاجتماعي في الجبل

عامر زين الدين -

تشهد دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت - فردان غدًا الأربعاء توقيع اتفاقية تعاون مشترك، تُعدّ الأولى من نوعها بين مشيخة العقل للطائفة والرهبانية اللبنانية المارونية في مجال التنمية الاقتصادية، ويعوّل المعنيون على حجر أساس المدماك واللُبنة الاولى في هذا المجال وأهميته على مستوى الطائفتين خصوصًا بالنسبة إلى منطقة الجبل، التي ستكون البساط الجغرافي في البداية، لاحتضان سلّة المشاريع المقررة وتحقيق الأهداف المتوخاة منها.

تندرج الأفكار المرسومة شكلًا ومضمونًا في مهمة التنمية الاقتصادية، ضمن خطط هادفة للتجذر بالأرض، عبر تطوير فرص الوجود الحاصل لكلتا الطائفتين، لطالما كانتا الأساسيتين في صيغة لبنان الكيانية. وقد أثبتت المصالحة الوطنية التي حصلت في 3 آب عام 2001 برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، التي طوت الأحداث الأليمة التي عصفت بالجبل، رسوخًا في وجدان أبناء المنطقة، وتاليًا قدرتها على إتاحة آفاق غير التعايشي والوحدوي، كالجانب الاقتصادي - الاستثماري مثلًا، من خلال إقامة مشاريعَ تنموية صناعية وزراعية وسياحية مشتركة، والاستفادة من الأراضي والأملاك الوقفية التابعة لمشيخة العقل والرهبانية المارونية.

لقد أسهمت زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأخيرة إلى الجبل بتاريخ 8 أيلول 2023، التي قصد خلالها دارة شيخ العقل الدكتور سامي أبي المنى في شانيه وقصر المختارة، في الدفع بالنقاشات الجارية يومها في كيفية تحصين المصالحة من جهة وتعزيز فرص وجود أبناء المنطقة وتمسكهم بأرضهم من جهة ثانية. ومع إطلاق الشيخ إبي المنى شعار "الشراكة الروحية والوطنية - مظلة الإصلاح والإنقاذ"، وذلك في إطار ممارسة المسؤوليات التي تقع على المرجعيات الدينية أيضًا، بموازاة انطلاق العهد الجديد وبث جرعات تفاؤلية لسلوك الدولة مسار سكة الإنقاذ المطلوب، وقد جرى تنظيم ندوتين تحت العنوان - الشعار الآنف الذكر في كل من مدينتي عاليه وحاصبيا، كانت الأبحاث والدراسات العلمية تجري على قدم وساق، لوضع الأطر الممكنة نحو تحقيق تلك الشراكة وتطبيق الرؤى المستقبلية، بدءًا من الجبل بما يشكله من نموذج للتنوع والتعددية والعيش المشترك كأساس لمميزات لبنان الحضارية.

وعليه، فإن حدث التوقيع الاقتصادي - التنموي، والوطني الجامع من خلال مشاركة شخصيات رسمية وروحية وسياسية واجتماعية وأهلية منوّعة ويتحدث فيه إضافة إلى الشيخ أبي المنى ورئيس الرهبانية المارونية الأباتي هادي محفوظ، نائب رئيس الحكومة طارق متري.

تأتي الخطوة وسط ظروف صعبة جدًا ومليئة بالتحديات والأخطار على المستويات الاقتصادية والمالية والأمنية التي تواجه لبنان راهنًا، وبدأت إبّان ثورة 17 تشرين الأول 2019 حيث أنهكت المؤسسات والبلد عمومًا، وفي ظل التحديات الاقتصادية عالميًا ايضًا، وأدت كل تلك الظروف إلى هجرة قسم كبير من اللبنانيين وخاصة من أصحاب الطاقات ومن الشباب، وتأثرت بها منطقة الجبل على نحو كبير.

من هنا فإن المبادرات والخطوات على اختلافها التي تعي المرجعيات الروحية والسياسية في الجبل أهميتها بالنظر إلى تلك الظروف، توجب برأيها خلق حوافز وفرص مناسبة تتيح لأبناء المنطقة الصمود بأرضهم، للعبور بمرحلة "اختلاف الأمم" إلى حفظ الرأس والبحث عن توفير شاطئ أمان واستقرار وأوله الأمن الاقتصادي للمنطقة، باعتبار الامني متوفر من خلال حضور مؤسسات الدولة الامنية على مختلف الصعد، مما يساهم بشكل فاعل في إنجاح شتى المبادرات ويدفع بمستثمرين للانخراط في مشاريع تجذب إليها رؤوس الأموال.

رحلة البحث عن الآفاق التنموية في الجبل عززتها الأصوات التي نادت وتنادي بضرورة الاستفادة من العقارات والمشاعات التابعة للأوقاف، أكانت المارونية أو الدرزية وعلى اختلاف مستوياتها في المجالات الصناعية والزراعية والسكنية... بموازاة سعي المرجعيات لوضع أسس تتيح فرص الاستفادة من تلك الأوقاف، فكان لا بد عندئذ من خلق مؤسسة أو شركة تعنى بهكذا مفاهيم، تتولى صياغة المسار الذي ستقوم عليه المشاريع التنموية مستقبليًا لتحقيق المبتغى منها.

 

وفي هذا السياق يقول مصدر في مشيخة العقل لـ "نداء الوطن"، إن "التطلعات كثيرة، رغم التحديات الخطيرة التي يعيشها الوطن وأبناؤه، لذا علينا مواجهة الهواجس بالقدر الممكن، ومساعدة الدولة في خطة النهوض التي بدأتها، ومن شأن ذلك التخفيف من حالة البطالة واليأس وهجرة الشباب. والخطوة المقررة ستكون أحد اشكال المبادرات العملية، لخلق فرص إبقاء أبناء الجبل في أرضهم، وتنفيذ مشاريع إنتاجية، والبحث عن مشاريع مشتركة غيرها، تسهم بتعزيز فرص دعائم التطوير الاجتماعي".

 

 

نداء الوطن