كشف أصحاب مشروع القانون المخصص لإعدام الأسرى الفلسطينيين عن صيغته النهائية، والتي تبيّن أنها تنص على إجبار القضاة على الحكم بالإعدام على كل فلسطيني يُتَّهم بقتل إسرائيلي يهودي بسبب هويته.
ولا يكتفي مشروع القانون بمعاقبة القاتل وحسب؛ بل تطول العقوبة من يخطط ومن يرسل المتهم للقتل، على أن يكون الإعدام بحقنة سم، تحت إشراف طبيب. لكن مندوب «نقابة الأطباء» أبلغ اللجنة البرلمانية بأن الأطباء لن يشاركوا في عملية كهذه، فطردوه من الجلسة.
وفي المقابل، طرحت حركات حقوقية عدة موقفاً رافضاً للقانون لأسباب ضميرية وإنسانية، وأكدت أنه قانون عنصري وغير إنساني، وسيضع إسرائيل في أزمة أخرى مع المجتمع الدولي.
وكانت لجنة الأمن القومي البرلمانية قد التأمت، الأربعاء، للبحث في تفاصيل القانون بغرض تسريع إقراره والتمهيد لرفعه إلى الهيئة العامة للكنيست والتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة.
وتم في بداية الجلسة توزيع وثيقة داخلية على أعضاء اللجنة توضّح الأسس التي سيستند إليها التشريع، وتقول الوثيقة إن معدّي القانون يطرحونه باعتباره «قانوناً أخلاقياً لا مثيل له بالنسبة لشعب إسرائيل في أرضه»، وتزعم أنه يحمل أهمية ردعية موجّهة «للمستقبل استناداً إلى تجربة الماضي».
قانون عنصري... وبأثر رجعي
وتشدد الوثيقة على أن القانون يجب أن يكون قابلاً للتطبيق فعلياً، وأنه «ليس إعلاناً رمزياً أو قانوناً ميتاً»، في محاولة لإضفاء طابع عملي على التشريع الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية.
وحسب الوثيقة، فإن الإعدام موجّه فقط للمتهمين الفلسطينيين المدانين بقتل إسرائيلي يهودي بسبب هويته، وليس بقتل فلسطيني بسبب هويته؛ ما يجعله أيضاً قانوناً عنصرياً ويدخله في صدام مع المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية.
كما تنص الوثيقة على أن فرض العقوبة سيتم بأغلبية عادية في الهيئات القضائية، من دون أي سلطة تقديرية للقضاة، ومن دون إمكانية الاستئناف على نوع العقوبة أو تخفيفها عبر صفقات ادعاء أو استبدالها بعفو. وتضيف الوثيقة بنداً ينص على تنفيذ الحكم خلال 90 يوماً من لحظة تحوّله قراراً نهائياً؛ وذلك «لمنع أي إمكانية للتهرب من تنفيذ العقوبة»، وهو إطار زمني غير مسبوق في المحاكم الإسرائيلية. وتختتم الوثيقة بالإشارة إلى أن التنفيذ سيجري عبر مصلحة السجون التابعة لوزارة الأمن القومي بواسطة «حقنة سم»، مع التأكيد على ضرورة مواءمة التشريع مع القوانين القائمة ذات الصلة.
ويسمح القانون بالتطبيق بأثر رجعي على مئات الأسرى المعتقلين منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وخلال المداولات، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إنه يأمل تمرير مشروع قانون إعدام الأسرى قبل الانتخابات القادمة.
وقاد بن غفير حملة صخب؛ إذ هاجم ورفاقه في الحزب كل من اعترض على القانون. فعندما قال ممثل «نقابة الأطباء» الإسرائيلية إن الأطباء محظور عليهم المشاركة في تنفيذ عقوبة الإعدام؛ لأنها تتعارض مع القوانين المهنية والأخلاقية للأطباء، وشدد على أن النقابة ترفض أي دور طبي في هذا السياق، هاجمه الوزير والنواب وطردوه من الجلسة.
وعندما اعترضت النائبة العربية عايدة توما سليمان على القانون ووصفته بالفاشي والعنصري، تم طردها هي الأخرى.
وقال لها الوزير: «أنتم تعارضون القانون لأنه يطول أصدقاءكم الإرهابيين أمثال مروان البرغوثي، وقد يطولكم أنتم؛ ولهذا فإنكم مرتعبون. وأنا سأضمن أن يتحقق لكم هذا الكابوس».
وطُرد من الجلسة أيضاً عضو الكنيست غلعاد كاريف من حزب الديمقراطيين اليساري، الذي قال لـبن غفير: «يا وزير الدغدغة والبقلاوة. أنت رجل له سجل حافل بسفك الدماء الإسرائيلية واليهودية في الشوارع. أنت وغد».
يذكر أن القانون أُقرّ في القراءة الأولى في 10 الحالي، وحصل على تأييد 39 نائباً من حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، والصهيونية الدينية بقيادة بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وحزب أفيغدور ليبرمان من المعارضة، وصوّت ضده نواب الحزب الديني «ديجل هتوراة» (علم التوراة) وحزب الديمقراطيين والأحزاب العربية (16 نائباً).
كما تغيب عن التصويت حزبا يائير لبيد وبيني غانتس من المعارضة، وكذلك حزب «شاس» الديني، ويعني ذلك أنه كان بالإمكان إسقاط القانون لو أن المتغيبين حضروا الجلسة.
وهاجمت حركة «صوت الحاخامات لحقوق الإنسان» هذا القانون وعدّته معادياً للأخلاق والقيم اليهودية، وقالت جمعية حقوق المواطن إن القانون «وحشي وقمعي وعنصري ويتناقض مع المبادئ الأولية لحقوق الإنسان، فالإنسان قيمة عليا لا يعلو عليها شيء».
