الأخبار: صفاء صلال-
حقّقت المرأة اللبنانية في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة تقدّماً على صعيد المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية والفوز بالمواقع الرسمية. وأفرزت الانتخابات وجوهاً نسائية، بعضها من خارج التكتلات الحزبية والعباءات العائلية، في مرحلة مفصلية تتطلب الكثير من العمل البلدي في البلدات اللبنانية، ولا سيما الجنوبية التي تنتظر إعادة إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي.
فوفق الأرقام التي حصلت عليها «الأخبار» من وزارة الداخلية والبلديات، بلغت نسبة النساء الفائزات «10.37% في المجالس البلدية، و16.4% في المجالس الاختيارية، و2.42% بمنصب المختار».
لكن هذه النسب لا تزال دون المستوى المطلوب، مقارنة بعدد النساء في المجتمع اللبناني، والقضايا النسائية التي تتطلب حضوراً نسائياً وزاناً في مواقع صنع القرار. كما إن هذه النسب لا تزال بعيدة من المناصفة أو النسب الأكثر ارتفاعاً التي يُنادى بإقرارها في إطار الكوتا النسائية.
الحضور الحالي، وإن بدا خجولاً في لغة الأرقام، إلّا أنه عند مقارنته بالحضور النسوي في الدورات الانتخابية السابقة، يُظهر تقدماً لافتاً. فوفق تقرير صادر عن منظمة «فيفتي فيفتي»، لم تتجاوز في عام 2016 نسبة الفائزات في المجالس البلدية 5.4%، و1% في المجالس الاختيارية، و1.9% بمنصب المختار.
عوائق قانونية وثقافية
وتجد رئيسة الجمعية جوليا أبو فرحات أن المشاركة النسائية في الانتخابات «جيدة جداً، ولا سيما في ظلّ العوائق الثقافية التي تقف في وجه مشاركة النساء سياسياً، وأبرزها الهيمنة الذكورية، والعنف السياسي، والتكتلات الحزبية التي لا تزال تُقصي النساء عن العمل السياسي الجدي، أو تمنحنهن أدواراً شكلية».
هذه العوائق «تُبقي مشاركة النساء في العمل السياسي عموماً والبلدي خصوصاً محكومة بسقف الثقافة الذكورية والقانون الانتخابي غير العادل».
المطلوب تغيير القوانين قبل تغيير العقليات
ولا تُخفي المختارة في بلدة الزرارية الجنوبية، زهرة مروى، قلقها من نظرة المجتمع تجاه المرأة في موقع القرار، وكونها المرأة الوحيدة في المجلس الاختياري، رغم أنها لم تواجه حتى الآن صعوبات تُذكر في التواصل مع باقي أعضاء المجلس.
وعلى الصعيد الشخصي، سبق للمختارة أن تحدّت الصور النمطية للأدوار الاجتماعية التي تُعطى للمرأة، وعملت سائقة «فان» في بلدتها، ثم كان التحدي الثاني: المشاركة في الانتخابات بعيداً من القوائم الحزبية والتكتلات، و«نجحتُ فيه بفضل ثقة الناس وخاصة النساء اللواتي دعمنني وشجّعنني على الترشح لحاجتهن إلى صوت يمثلهن»، كما تقول مروى لـ«الأخبار».
لذلك، رغم المؤشرات الإيجابية للانتخابات الأخيرة لجهة خوض النساء غمار العمل السياسي، ترى أبو فرحات أن الخطوة الأولى لحفظ حق النساء في المشاركة الفعلية في الانتخابات هي «تغيير القوانين قبل أن نصل إلى تغيير العقليات».
القانون اللبناني، في رأيها، «مجحف بحق النساء، لأنه لا ينصّ على الكوتا النسائية التي تضمن المناصفة بين الجنسين في المجالس البلدية والاختيارية». ورغم تعديل قانون الترشح الذي سمح للبنانيات المتزوجات بالترشح في بلداتهن الأم وليس فقط في بلدات أزواجهن، «إلّا أن طريق النساء نحو البلديات لا يزال طويلاً وشاقاً، ومرهوناً بتغيير القانون وإقرار الكوتا النسائية أولاً، ثم تغيير المجتمع ونظرته إلى النساء وأدوارهنّ الاجتماعية ثانياً».