ان تأتي متأخرا" خير من الا تأتي ابدا"، هي بالمبدأ مقولة رائعة الا عندنا في لبنان. لماذا؟ بكل بساطة لان من يأتي متأخرا" في هذه الايام وينقلب عل مواقفه السياسية، لا يعترف بخطأ مقاربته للامور فحسب، بل يهجم بكل وقاحة وعلى عينك يا تاجر على من سبقه من العقلاء وحذر من مخاطر حصولها.
هكذا هي الحال مع الثورجيين وبعض الحزبيين والاعلاميين الذين يتهافتون في هذه المرحلة على خطف المواقف التي اخذها التيار الوطني الحر تجاه النزوح السوري وضرورة معالجته من خلال العودة الطوعية والكريمة. هؤلاء يعتقدون ان ذاكرة الشعب الآدمي قصيرة وانه نسي اطلالاتهم على الشاشات للدفاع عن هذا النزوح، وشعاراتهم لتسويقه المدفوع ثمنها مسبقا"، وخطاباتهم المنافقة عبر السنين للظهور بصورة الحرص على المبادىء الانسانية وهم منها براء.
هكذا هي الحال ايضا" مع بعض الرؤساء والوزراء والنواب، ورجال الدين الذين يتباكون على استمرار الازمة واشتداد وطأتها بعد ان عطلوا عن سابق تصور وتصميم تشكيل حكومة شرعية في آخر ولاية الرئيس ميشال عون رغم ان محاولات العماد المتكررة لاتمام الاستحقاق قد صدت بوجهه كلها. فكان مثلا" الوعد الغير صادق بالنوم في القصر لتحقيق الهدف.
هكذا هي الحال ايضا" في التمثيلية الهزلية التي جرت بواسطة بعض مؤوسسات الدولة لمحاربة الفساد بعد طول غياب. منها مثلا" ما سمعناه في المجلس النيابي من كلام عن مصرف معين مفاده ان المذكور مسؤول منذ وقت طويل عن التلاعب بالعملة الوطنية. السؤال هنا، لماذا لم يقال هذا الكلام من قبل؟ وشو عدا ما بدا ان يذكر الآن بينما الشريك قاله بالفم الملآن من زمان فقامت عليه الدنيا ولم تقعد ولا يزال يدفع ثمن مواقفه.
هكذا هي الحال اخيرا" مع من يتحضر لركب موجة الترحيب بعودة سوريا الى الساحة الاقليمية هو الذي بالحد الاقصى شارك مباشرة بالحرب عليها بعد ما غادرت لبنان، او بالحد الادنى وقف يتفرج على ازمتها بضحكة صفراء. بالمقابل كان الموقف الصادق والواضح منذ سنوات للوزير جبران باسيل باعادتها الى حضن الجامعة العربية حيث تنتمي.
الفرق بيننا وبين من يأتون متأخرين انهم متزلفون بينما الاحرار هم من يأخذوا المبادرات بوقتها لانهم يجسدون تيارا" وطنيا" بامتياز.