HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

حتى بعد غرق العبارة في طرطوس هذا ما يقوله عسكري لـtayyar.org: ما بين الانتحار واحتمال الغرق.. الثاني أهون الشرّين

23
SEPTEMBER
2022
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

لارا الهاشم -

مريرةٌ صارت حياة اللبنانيين الذين باتوا يبحثون عن الأمان في مستقبلٍ مجهولٍ بعدما لمسوا الغربة في وطنهم. يكاد لا يمر يومٌ من دون أن نسمع عن مركب انطلق من شواطئ لبنان الشمالية في رحلة هجرةٍ غير شرعيّة، حاملاً على مَتنه رجالاً ونساء وأطفال. هؤلاء باعوا منازلهم وعَفشهم وكلّ ما يملكون وقرروا تسليم حياتهم للبحار ولتجّار الموت بعدما فقدوا الأمل بالعيش بكرامة في بلدهم.

عشرات المهاجرين اللبنانيين والسوريين غادورا في أسبوع واحد، منهم من أنقذتهم بحرية الجيش ومنهم من اجتازوا المياه الإقليمية اللبنانية آملين في الوصول إلى أوروبا لكنّ الرياح لم تكن في كثيرٍ من الأحيان كما تشتهي السفنُ فلقوا حتفهم في عرض البحر. آخر ضحايا البحر الغدّار كان عشرات المهاجرين من بينهم لبنانيين متجهين إلى أيطاليا ثم ألمانيا فُقدوا يوم أمس بعد غرق مركبهم مقابلَ ساحل طرطوس، فيما تم انتشال 33 ضحية بحسب آخر بيانٍ صدر مساء أمس عن وزير الأشغال علي حمية إضافة إلى 16 من الناجين.

ربيع وهو قريب أحد الناجين المدعو وسام التلاوي يخبرُك أن ابن عمّه نُقل إلى إحدى مستشفيات طرطوس فيما زوجتُه وأولادُه الأربعة باتوا في عداد المفقودين. يروي ربيع أن وسام كان يعمل في إحدى شركات التنظيفات في طرابلس حيث كان يتقاضى راتباً شهرياً قدرُه أربعة ملايين ليرة فباع قطعة أرضٍ كان يملكها في برقايل ودفع للمهرّبين الذي تقاضوا خمسة آلاف دولار عن كلّ شخصٍ. وسام واحدٌ من عشرات الطرابلسيين الذين ضاق بهم العيش في مدينتهم المنقطِعة عنها الكهرباء من شهر والمياه منذ ثلاثين يوماً بسبب انقطاع المازوت عن المضخات وحالُه كحال"شادي" وهو اسم مستعار لعسكري في إحدى المؤسسات العسكرية الذي يقول ل tayyar.org أنه بات أمام خيارين: إما الانتحار وإما الهجرة في البحر حيث إمكانية الموت أو البقاء على قيد الحياة متساويتان. وما بين الخيارين يقول شادي إنه يفضّل الثاني لعلّه يؤمّن الحياة الكريمة لأولاده الثلاثة.

شادي الرجل الذي أمضى 13 عاماً في خدمة مؤسّسته وجد نفسَه مرّات ومرّات مضطراً إلى التظاهر أمام إبنه بأنه غارق في النوم حتى لا يطلب منه الأخير "خارجيته" قبل الذهاب إلى المدرسة لأن الأب لا يملك ما يعطيه لإبنه. أما اليوم فأولاده محرومون من الدراسة لأنه عَجز عن تسجيلهم في المدارس براتب يساوي الأربعين دولاراً لا يكفيه للانتقال من منزله في إحدى البلدات العكارية إلى مركز خدمته في بلدة متنيّة.

في بلده يجد شادي نفسه عاجزاً عن شراء حبّة دواء لإبنه إذا أصابه المرض أو عن تسديد فاتورة استشفاء والدته التي خضعت لعملية جراحيّة والمضمونة على إسمه "فصار الدّين آكلني أكل"، أما في إيطاليا حيث وصل عددٌ من المهاجرين فقد تم استقبالهم وتأمّنت لهم الطبابة ولأولادهم المدارس. وعليه ينتظر العسكري بيع منزله ليحزم أمتعته وعائلته نحو الغربة ولو تحت الخطرأسوةً بزملاء له في السلك سبقوه على متن العبارة التي وصلت قبل أيام إلى تركيا. فعلى متن تلك العبارة انطلق يوم الخميس الماضي 55 لبنانياً وسورياً آملين في الوصول إلى ايطاليا لكن المركب تعطّل مع وصولهم قبالة جزيرة كريت وسط أحوالٍ جويّة سيئة. على الأثر نقلتهم السلطات اليونانية ووضعتهم داخل بيوت بلاستيكية قبالة الشواطئ التركية بعدما انتزعت منهم كلّ ما يملكون إلى أن انتشلتهم باخرة تجارية كانت في طريقها إلى تركيا. بعدهم سلك 260 لبنانيا وسوريّاً خطاهم لكن هذه المرة تعطّل القارب قرب قبرص فنقلوا إلى سفينة جعلت وجهتهم تركيا عوضاً عن أوروبا التي كانوا يطوقون إليها.

تطول سبحة مغامرات اللبنانيين مع تجار الموت الذين يستغلّون بؤسهم فيسرقون منهم حتى ما تبقّى معهم بعدما باعوا كلّ ما يملكون. هؤلاء التجار يرتكبون أفظع الجرائم بحق أطفالٍ ونساءٍ ورجال ذنبهم الوحيد أنهم وصلوا إلى مرحلةِ اليأس والعجز وأن ثقافة الحياة عندهم مختلفة. أما تجار الموت فهم مجرمون ويستحقون أقسى درجات العقاب علّ الدولة التي سلّمت أبناءها للموت، تكفرّ ولوعن قليلٍ من ذنوبها رأفة بمن لم يتمكنّوا من الهجرة بعد.

 

لارا الهاشم ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •