HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

تغيير النظام السياسيّ اللبنانيّ هدف أميركيّ استراتيجيّ (بقلم جورج عبيد)

24
JANUARY
2020
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

بقلم جورج عبيد -

بعد انفجار الحراك في 17 تشرين الأوّل 2019 بيومين، تلقّت شخصيّة إعلاميّة اتصالاً من صديق كبير لها وهو رجل أعمال نافذ على علاقة وثيقة بالإدارة الأميركيّة، تناقش معه في الوضع اللبنانيّ بالمعاني والأهداف الكامنة خلف الحراك. وبصراحة واضحة أظهر رجل الأعمال هذا، الخطّة الأميركيّة بتفاصيلها وأبعادها، كاشفًا وبناء على معرفته العميقة بالرؤى الأميركيّة البعيدة المدى، بأنّ الأميركيين فقدوا ثقتهم بسياسيي لبنان، "فلا بدّ من التغيير وإسقاط الهيكل السياسيّ واستبداله بهيكل جديد، فلبنان والعراق نموذجان فاسدان بالقراءة الأميركيّة، فلا بدّ من التغيير الجذريّ واستنهاض نظام جديد هنا وهناك، بسياسيين جدد لم يتلوثوا بالفساد.

وتابع رجل الأعمال نقاشه قائلاً: "ليس حزب الله وحيدًا على لائحة الإرهاب، بل لائحة ستضمّ سياسيين فاسدين ستتمّ معاقبتهم أيضًا بسبب فسادهم، والأسماء ستضمّ شخصيات والت الأميركيين واندرجت في خطابهم السياسيّ، ولكنّها بدورها غاصت في السرقة وغرقت في النهب وسكرت منه حتى الثمالة، لذلك فإنّ الحراك بالمنظور الأميركيّ سيستمرّ إلى حين سقوط الطبقة السياسيّة الراهنة بانتخابات نيابيّة مبكّرة، كما أنّ المساعدات لن تعطى للبنان حتى تنفيذ شروط الحراكيين، وأيضًا بحسب المنظور الأميركيّ، كما ورد في حديث رجل الأعمال.

لا تفترق الخلاصة التي وصل إليها هذا الرجل عن الخلاصة التي وصل إليها بدوره الصحافيّ والكاتب إبراهيم الأمين في مقاله في جريدة الأخبار يوم الاثنين الفائت. إنّها على وجه التقريب خلاصة واحدة. إصدار قانون عقوبات يطال شخصيات لن تكون محصورة بفريق الثامن من آذار، موردًا إسمي سعد الحريري وجبران باسيل، وسيستند إلى ما يسمّى بقانون ميغنتسكي الصادر في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وهم قرروا وبحسب مقال إبراهيم الأمين، إشهار فقدانهم الثقة بغالبيّة القوى والشخصيّات السياسيّة النافذة في لبنان، وطريقة تصرّف الحكومة الأميركيّة سيختلف مع الواقع السياسيّ اللبنانيّ عن السابق. إن ما يحصل في لبنان تجسيد للسياسة الأميركيّة الجديدة تجاهه. وبرايهم سيكون لبنان أمام تحديّات جديدة يرسم مستقبل البلد وفق قواعد جديدة كاللامركزيّة...

إلى مَ يرمي الأميركيون بتلك الخلاصات؟

قبل الإجابة على هذا السؤال وهو مستدخّل في سياق القراءة، لا بدّ من التذكير مرّة أخرى، بأنّ الرؤية الأميركيّة المتورّمة والمتدحرجة في الداخل اللبنانيّ، ليست حديثة العهد، أو وليدة لحظتها الآنية، بل هي تربو إلى ثلاث عشرة سنة خلت، أي على وجه التحديد إلى سنة 2007، حين زار دبلوماسيون أميركيون المغفور له الوزير السابق فؤاد بطرس في منزله ودار النقاش بينهم وبينه حول الوضع اللبنانيّ برمتّه ثمّ عرضوا وجهة نظرهم بما خصّ النظام السياسيّ اللبنانيّ، معتبرين بأنّه لن يتمكّن من الصمود ولا يملك قدرة حماية الطوائف والطبقة السياسيّة في لبنان. فهو بقراءتهم مترجرج ومثقوب ومعطوب. إنّ الأميركيين بما ورد منهم وعنهم، ومنذ ذلك الحين يرنون إلى تغيير الطائف برمته. وبغوصهم في الكثير من التفاصيل منذ ذلك الحين وإلى الآن أظهروا عدم اهتمامهم على الإطلاق باتفاق وأدوه لحظة ولدوه. فالطائف عندهم تسوويّ، وقد رسّخ أنظومة فاسدة بالمطلق أطبقت على القوانين والدستور، وهذه الحالة بقراءتهم لا تقتلع إلاّ بتغيير النظام السياسيّ بجوهره.

بطبيعة الأمور، تغيير النظام السياسيّ ليس محصورًا في الرقعة الجغرافيّة اللبنانيّة. بل هو عميم وممدود باتجاه المنطقة المشرقيّة برمتها، ضمن أنظومة الفوضى الخلاّقة التي ابتكرها المفكّر اليهوديّ الإنكليزيّ الأصل برنارد لويس، فترجمت بربيع عربيّ عاصف، وتكدّس بالكليّة بمعاييره في سوريا ضمن الحرب عليها. لبنان بالنسبة للأميركيين مدى واسع ومطل رحب، يعبّرون فيه عن عمق موجوديتهم في الشرق الأوسط، ولذلك أي نظام يبتكرونه ويقولبونه من شأنه حتمًا أن يعبّر عن إسقاطاتهم السياسيّة ومصالحهم الاقتصادية والاستثماريّة فيه، وينطلقون منه إلى المنطقة. تلك هي البراغماتيّة الأميركيّة، وهي حاليًا تتوحّش في لبنان، ليس لأنها تحبّه وتعمل لصالح شعبه، بل لأنه لا يزال الموقع الاستراتيجيّ المستهلك منها لحماية أمن إسرائيل بالدرجة الأولى وهذه مسلّمة جوهريّة عندها، ولأنه شاغل العالم بجيو-سياسته المستندة إلى الموقع الجغرافيّ المطلّ على سوريا والعالم العربيّ.

من جهة لبنان، يفترض بالحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حسّان دياب، أن تلتمس من قراءتهم وأهدافهم أمرين أساسيين انكشفا في مقالة الزميل إبراهيم وفي كلام رجل الأعمال مع صديقه الإعلاميّ، وهما مكافحة الفساد بصورة جذريّة وزجريّة، ولنقل بصورة جذوريّة حتى تكون العبارة دقيقة، واستعادة الأموال المنهوبة من معظم السياسيين الذين فسدوا وسرقوا. لقد ورد هذا الكلام على لسان رئيس الحكومة الدكتور دياب، وهو في الأصل وارد في أدبيات رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، مما يدلّ على وحدانيّة الأهداف المتجليّة في العمل ما بين الرئيسين والحكومة. ويمكن أن نستفيد من هذا الضغط المتراكم لبناء نظام اقتصاديّ متماسك يعدّل كثيرًا من متن الاقتصاد الريعيّ ويعيد الاعتبار إلى الاقتصاد المنتج بفعاليّة، حتى لا يصير لبنان تحت أيدي وكلاء وأوصياء يرهنونه ويتقاسمونه.

غير أنّ هذا الإصلاح لا يفترض إظهاره كرمى للأميركيين، أو تماشيًا مع أهدافهم. ذلك أنّ لهم مآرب أخرى واضحة في الحرب الماليّة التي شنّوها على لبنان، وهم العاملون بآحاديتهم المطلقة ليبقى لبنان تحت وصايتهم وضمن قبضتهم، ليبقى النفط تحت سيطرتهم وجزءًا من استثمارهم.

ثلاثة أهداف يرمي الأميركيون لإظهارها:

1-الهدف الأوّل ضرب المقاومة أي حزب الله، وبتر وتمزيق الوصال المتين بين الجيش والشعب والمقاومة، كرمى إسرائيل الرابضة على حدودنا الجنوبيّة والطامعة بنفطنا وغازنا ومياهنا. ولذلك هم مصرّون على بقاء الحراك الفوضويّ بالتسيّب الأمنيّ على الأرض لظنّهم أنهم بتلك الطريقة يشتتون الحزب، ويضعفون الجيش، ويمزقون الشعب، ويهيئون الأرض لفتنة مذهبيّة (شيعيّة-سنيّة)، وبنيويّة (سنيّة-سنيّة). وهذه المسألة عند الأميركيين مركزيّة لا حياد عنها، ويفترض من النخب فهمها وتمحيصها وعدم السماح باتساعها، وفي تسير وتسري في قلب لحظة الصراع الأميركيّ-الإيرانيّ، الكثيف الاشتداد بعيد اغتيال أميركا للواء قاسم سليماني.
2-الهدف الثاني إسقاط رئيس العهد بصفاته المسيحيّة والميثاقيّة والمشرقيّة. السبب الجوهريّ لإسقاطه أميركيًّا انه حمى المقاومة وشرّع نضالها وقتالها بوجه إسرائيل، وشرّع مقاومتها لمشروعهم الآيل على بثّ القوى والمنظمات التكفيريّة، لتشتيت المنطقة المشرقيّة برمتها. إنّه وبقراءة واضحة إسقاط سياسيّ-شخصيّ ومنهجيّ. وبالفهم الأميركيّ، فإنّ محاولة إسقاط ميشال عون، إسقاط للجذوة المسيحيّة ليس في لبنان فحسب بل في المشرق عمومًا. من هنا يسوغ القول بأنّ هدف أميركا ضرب الوجود المسيحيّ بدءًا من إضعافه، فهو وكما قال صديقي عماد جوديّة غير مرّة يذكّر إسرائيل بإثمها الكبير أي بقتلها المسيح. ومتى ضربت المسيحية المشرقيّة في لبنان ضعف الإسلام القرآنيّ، فالعروبة البيضاء تنبع من لقائهما وعيشهما معًا.
3-الهدف الثالث تغيير النظام السياسيّ في لبنان بمنظورهم، بمحاولة سحقهم الفلسفة الميثاقيّة التي قام عليها النظام السياسيّ الأوّل مع انبثاق دستور سنة 1926 الذي كتبه ميشال شيحا والتي رسا عليها النظام السياسيّ الثاني مع تنفيذ اتفاق الطائف، الذي كانت لهم اليد الطولى في تفعيله بتسوية بينهم وبين السوريين والسعوديين. لم يعد النظام السياسيّ اللبنانيّ يلبّي حاجتهم ومصالحهم، ولذلك هم عاكفون وماضون منذ سنة 2007 وربما أكثر إلى تغييره، وقد بدا واضحًا أن اللامركزيّة في فكرهم وكما كتب إبراهيم الأمين هدف بديل يعملون على تجسيره ومن ثمّ تجذيره.

في النهاية تلك هي الخلاصات الأميركيّة تجاه تكوين لبنان الجديد Remaking a New Lebanon. واللافت أن البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي، ومنذ حوالي أسبوعين، وفي عظة له أشار إلى تكوين لبنان الجديد، من دون الإشارة إلى طبيعته، وهو حين كان أسقفًا على جبيل ردّ على مسألة إلغاء الطائفيّة السياسيّة بسؤال وما هو البديل. من هنا حين يقول الحراكيون ولا سيّما الصداميون منهم ما أمسى شعارًا كللن يعني كللن، فهم أشاروا ويشيرون وبالمفهوم الأميركيّ إلى إنهاء النظام السياسيّ الحالي وإبداله بجديد، من دون الإشارة إلى فحواه فيما اللامركزية قد تكون العنوان الأبرز في المفهوم الأميركيّ للبنان الجديد New Lebanon كجزء من الشرق الأوسط الجديد New Middle East.

ختام هذه القراءة هل سيسير الأوروبيون ومن ضمنهم الفرنسيون، والروس في الفلك الأميركيّ من ضمن مجموعة تسويات تحضّر للمنطقة عمومًا ولبنان خصوصًا، أو أننا سنشهد بعادًا؟ والمسألة الأدق أين ستكون الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الدكتور حسان دياب من حجم تلك الأطروحة، وأين سيكون العهد من هذا المشهد؟ الجواب بأنّ العهد برئاسة فخامة الرئيس لا يزال يملك أوراق القوّة إلى جانب الحكومة، فالحكومة إنقاذيّة ولكنها حكومة مواجهة لمعظم الاحتمالات المطروحة. وإذا قررنا عدم الاستسلام، فالاتجاه نحو الشرق هو الأفضل والأكمل، علمًا بأنّ الفرنسيين أعلنوا عن استعدادهم لمساعدة لبنان مع ولادة تلك الحكومة. ولنتذكّر بأنّ الشمس تشرق من الشرق، والشروق إسم المصدر لفعل أشرق، وتغرب نحو الغرب. والمسيح عند المسيحيين المشارقة هو مشرق المشارق. شروقنا يبدأ من الشرق، فإلى الشرق اتجهوا ولا تغربوا أو تتغربوا نحو الغرب الأميركيّ على وجه التحديد، الحصار يفكّ من الشرق، بدءًا من المشرق العربيّ وقلبه سوريا ومن ثمّ العراق، والصين قلب الشرق الأقصى إلى جانب روسيا. فإلى هناك اتجهوا حتى يكون للبنان شروق وفجر جديد.

جورج عبيد ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •