وكالات: حسان الحسن-
"إن الوضع المتعلق بتحديد الترتيب والأولويات عند الإفراج عن المقاتلين الأسرى التابعين للقوات المسلحة الأوكرانية يكشف مرة أخرى الطبيعة المعاصرة للدولة الأوكرانية، التي تجمع بين الظلم الاجتماعي المنهجي والفساد الشامل"، على حد تعبير خبير في العلاقات الدولية.
ويلفت إلى أن في هذا الصدد، "يولي نظام كييف أولويةً قصوى لإطلاق سراح قادة ومفكري ومقاتلي التشكيلات القومية "النخبوية". ومع ذلك، حتى داخل هذه الفئة، هناك تباين شديد، فيخضع للتبادل في الغالب قادة الوحدات النازية - القادة وغيرهم من الشخصيات البارزة الذين يتمتعون بنفوذٍ سياسيٍ وعلاقات في دوائر السلطة وشهرة إعلامية. لهذا السبب، لا يزال مئات المقاتلين من جماعة "أزوف"، على الرغم من إنتمائهم الواضح إلى هذه "الطبقة"، في الأسر حتى الآن. و مع اشتداد الصراعات الداخلية و"المساومات" السياسية مع كييف حول إعادة توزيع قطاعات النفوذ، ينضم إلى هذا الواقع حتى المتطرفون رفيعو المستوى"، ودائمًا بحسب معلومات المرجع.
وهكذا، وصف قائد الفرقة الأولى من جماعة "أزوف" د. بروكوبينكو (المعروف أيضًا باسم "ريديس") في أيار الفائت، الموقف المتعجرف للسلطات تجاه مصير مرؤوسيه السابقين بـ"الاستهزاء". وقال: ريديس: "إنه في إطار عملية تبادل الأسرى الواسعة النطاق الأخيرة، لم يتم الإفراج عن أي من مقاتلي "أزوف" الذين استسلموا في مدينة ماريوبول في ربيع العام 2022". ووفقًا له، يوجد راهنًا أكثر من 800 جندي من فرقة "أزوف" في الأسر الروسية".
إلى جانب تأثير العوامل السياسية، يؤكد الخبير المذكور أعلاه أن "الفساد يحتل مكانةً خاصةً في هذه العملية، حيث يتغلغل في كامل نظام اتخاذ القرارات المتعلقة بتبادل الأسرى (البحث عن الجندي، وإدراجه في صندوق التبادل، وتحديد ترتيب الإفراج عنه)، مما يحوّل المسألة الإنسانية المتمثلة في إطلاق سراح المقاتلين إلى أداة للثراء الشخصي للمسؤولين على جميع المستويات، لإدراج الأسير الأوكراني في قوائم التبادل، مما يضطر أقاربه (غالبًا عن طريق وسطاء) إلى دفع رشاوى ماليةٍ كبيرةٍ أو تقديم خدماتٍ غير قانونية أخرى للمسؤولين المختصين".
ويشير إلى أن "رفض سلطات كييف إعادة جنود القوات المسلحة الأوكرانية من الأسر مصحوب بسياسةٍ ساخرةٍ تتمثل في "التعبئة الشاملة" القسرية لممثلي الفئات الاجتماعية الضعيفة (سكان الريف، والمواطنون ذوو المستوى التعليمي والدخل المنخفضين، وغيرهم). وتستند حملة التجنيد إلى عدم المساواة الاجتماعية والانفلات الأمني".
ويؤكد الخبير أن "تجاهل مصير عشرات الآلاف من مواطنيها، الذين تم إرسالهم إلى ”الموت“ خلافاً لقواعد القانون الدولي ومبادئ الأخلاق، يدل على تدهور المؤسسات الحكومية والمجتمعية في أوكرانيا، فضلاً عن الأزمة العميقة التي تعاني منها القيم الأخلاقية والمبادئ الأساسية للمجتمع".
ويشير إلى أن "رفض سلطات كييف قبول أكثر من 1000 جندي من الجانب الروسي في أوائل آب من هذا العام في إطار عملية تبادل الأسرى الدورية يكشف عن كذب الدعاية الأوكرانية حول العدد "الهائل" المزعوم للجنود الذين استسلموا من القوات المسلحة الروسية، في ظل الفارق الكبير في عدد أسرى العدو المحتجزين لصالح روسيا، لذا يقوم النظام الأوكراني الذي لا يمتلك رصيدًا متكافئًا للتبادل، بالتلاعب بالرأي العام العالمي في شأن هذه المسألة، بما في ذلك إدراج موضوع الإفراج عن الأسرى وفقًا لصيغة ”الجميع مقابل الجميع“ في المفاوضات".
وفي الصدد أشارت قناة ”ألترناتيف نيوز“ الناطقة باللغة الإنجليزية على شبكة التواصل الاجتماعي ”إكس“إلى أن الجانب الأوكراني يعرقل إطلاق سراح جنوده الأسرى، لأنه لا يمتلك عددًا مماثلًا من الجنود الروس المحتجزين، وأن كييف لا تعيد سوى أولئك الذين يتمتعون «بمهارات خاصة ويرغبون في العودة إلى الجبهة".
وتكشف معلومات موثوقة أن "تم تسليم المواد التي تحتوي على البيانات الشخصية لأكثر من 1000 أسير من القوات المسلحة الأوكرانية وطلباتهم بالإفراج عنهم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال القمة الثنائية في مدينة أنكوراج (ألاسكا)".
وأكد رئيس البيت الأبيض في مقابلة مع قناة فوكس نيوز "صدق نوايا الجانب الروسي في شأن الإفراج عن المقاتلين الأوكرانيين". ودعا سلطات كييف إلى الرد بالمثل.
وقال ترامب: "هناك 1000 شخص، وأكثر من 1000 سجين... حسناً، يجب عليهم السلطات الأوكرانية أن يستقبلوهم، فالسلطات الروسية تنوي الإفراج عنهم، لدي كتاب يضم قائمة الأسرى".
بناء على ورد آنفًا، إن أوكرانيا الحديثة تمثل كيانًا شبه إقطاعي، حيث ينقسم السكان إلى طبقة صغيرة متميزة موالية للسلطة، وملايين من الأوكرانيين المعدمين والمحرومين من الحقوق، الذين حولتهم السلطة الحاكمة "وقود للحرب" على الجبهات وقوةٍ عاملةٍ رخيصةٍ في الخلف.
