وكالات: كثيرة هي مشاهد الاستبداد، والقمع بحق المدنيين في السودان، منذ اندلاع الصراع منتصف شهر إبريل 2023، بين قوات تحالف السودان التأسيسي "تأسيس"، والجيش .
وفي مقطع نشرته المرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان منتصف شهر إبريل 2025، ظهر مدنيان مقيدان من قبل القوات المسلحة السودانية في مدينة بارا، ولاية شمال كردفان.
يمارس عناصر الجيش على الأسيران، مختلف أنواع الإهانة والسب، ويطلبون منهما ترديد شعارات معينة، فيما يظهر خلف أحدى الأسرى، أسير ثالث مقيد بطريقة مهينة، ما يوحي أن عدد الأسرى في المقطع أكثر من ذلك.
وأثار المقطع استياء لدى الأوساط السودانية، ونددت بسوء المعاملة، وطالب بعض الناشطين، بإجراء تحقيق شفاف لمحاسبة الضالعين في هذه الجريمة.
إعدامات
في غضون ذلك، كشف تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025، عن تصاعد الإعدامات الموجزة في الخرطوم، بعد أن استعادت القوات المسلحة السودانية ومقاتلون متحالفون معها مناطق كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع في أواخر آذار/مارس، أعقبها شنّ حملات انتقامية ضد من يُشتبه في أنهم "متعاونون".
وأشارت إلى أنها وثقت مقتل ما لا يقل عن 3384 مدنيا في سياق النزاع منذ بداية عام 2025 وحتى آخر حزيران/يونيو. وأشارت إلى أنها وثقت أيضا القتل غير القانوني لما لا يقل عن 990 مدنيا خارج نطاق الأعمال العدائية، بما في ذلك عبر الإعدامات الموجزة.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الصراع في السودان "صراع منسي، وآمل أن يسلط تقرير مفوضيتنا الضوء على هذا الوضع الكارثي حيث تُرتكب فظائع، من بينها جرائم حرب".
وقد أفضى النزاع إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم بحسب التقرير، إذ "يواجه 24.6 مليون شخص انعداما حادا في الأمن الغذائي وسط تزايد خطر المجاعة، فيما يفتقر 19 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، مع استمرار تفشي وباء الكوليرا. "
وتحدث تورك، عن "تزايد التنميط الإثني في النزاع، المبني على التمييز وعدم المساواة المزمنين، يشكل خطرا جسيما على الاستقرار والتماسك الاجتماعي على المدى الطويل داخل البلاد". وأكّد: "ستزهق أرواح كثيرة أخرى إن لم يكن هناك تحرك عاجل لحماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بسرعة وبدون عوائق". كما دعا الدول إلى استخدم نفوذها لإنهاء الصراع الذي تحوّل إلى "أزمة حماية واسعة ومقلقة."
لا مجال للهدنة
في غضون ذلك، كشف موقع “سكاي سودان” ، عن اجتماع سري عقد قبل يومين، من قادة طرف الحركة الإسلامية في السودان، لتدارس مخرجات بين "الرباعية" الأخير.
وبحسب ذات المصدر، فقد ترأس الاجتماع، علي عثمان محمد طه عبر تطبيق “تلغرام”، بمشاركة 18 من أبرز القيادات السياسية والعسكرية المرتبطة بالحركة. من بين الحاضرين علي أحمد كرتي، أحمد هارون، بكري حسن صالح، الحاج آدم، الحاج عطا المنان، إبراهيم غندور، سامية أحمد محمد، رجاء حسن خليفة، أمين حسن عمر، الصادق فضل الله، وعز الدين حمودة، في اجتماع وصف بأنه الأكثر حساسية منذ بداية الأزمة السياسية والعسكرية الراهنة في السودان.
وخلص الاجتماع، إلى توجيه تحذير رسمي إلى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والقيادي العسكري ياسر العطا، بعدم القبول بأي هدنة أو تدخل خارجي، مع تكليف كل من أسامة عبد الله وأحمد هارون بنقل هذه الرسالة مباشرة إلى البرهان في لقاء خاص، ما يعني أن الحرب السودانية ستستمر، رغم معاناة المواطنين.
كما قررت الخلية، إرسال رسائل تحذيرية واضحة إلى البرهان بشأن رفض أي إملاءات خارجية. و"توجيه البرهان وياسر العطا ومحمد عباس اللبيب بتسليم إدارة العمليات العسكرية إلى عناصر “المجاهدين”، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة القيادة الميدانية وفق رؤية الحركة الإسلامية."
وتضمنت القرارات، توجيه "الأجهزة الإعلامية التابعة للحركة الإسلامية نحو تشكيل رأي عام معادٍ لدول عربية ، مع تكليف الفاتح الحسن وحامد ممتاز بتنفيذ هذه المهمة عبر المنصات الإعلامية المختلفة."
وبحسب التقرير، فإن "هذه القرارات تمثل جزءًا من خطة شاملة لإعادة ترتيب الأولويات السياسية والميدانية للحركة الإسلامية، في ظل تصاعد المواجهات العسكرية وتزايد الضغوط الدولية."
وكانت دول الولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية، ومصر قد أصدرت بيانا مشتركا قدمت فيه مقترحا لإنهاء أزمة السودان.
وشدد الوزراء، على أهمية مواجهة تهديدات الجماعات المتشددة العابرة للحدود، وحماية أمن البحر الأحمر. وأشاروا إلى أن مستقبل السودان لا يمكن أن تحدده «جماعات متطرفة عنيفة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين»، وحذروا من دورها في إذكاء العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
عقوبات للردع
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، 12 سبتمبر 2025، فرض عقوبات على ميليشيا "لواء البراء بن مالك" الإسلامية، وعلى وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، لدورهما في الحرب الأهلية المستمرة في السودان وصلاتهما الوثيقة بإيران.
وأوضحت وزارة الخزانة، أن هذه الخطوة تهدف إلى تقليص نفوذ الجماعات الإسلامية داخل السودان، والحد من أنشطة إيران الإقليمية التي ساهمت في زعزعة الاستقرار وتفاقم الصراع ومعاناة المدنيين، وأكدت أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع شركائها لتحقيق السلام والاستقرار في السودان ومنع تحوله إلى ملاذ آمن لمن يهدد الأميركيين ومصالحهم.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي، إن "الجماعات الإسلامية السودانية أقامت تحالفات خطيرة مع النظام الإيراني." وأكد: "لن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لها بتهديد الأمن الإقليمي والعالمي. نحن نستخدم أدوات العقوبات لتعطيل هذه الأنشطة وحماية الأمن القومي الأميركي".
وأوضحت وزارة الخزانة أن العقوبات تأتي "بعدما لعبت الجماعات الإسلامية في السودان دورًا بارزًا في تقويض مؤسسات الدولة، خصوصًا خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير الذي استمر ثلاثة عقود حتى الإطاحة به عام 2019. ومنذ ذلك الحين، ساهم الإسلاميون في عرقلة مسار الانتقال الديمقراطي، بما في ذلك إفشال الحكومة المدنية الانتقالية والاتفاق الإطاري السياسي."
واتهمت الوزارة جبريل رئيس حركة العدل والمساواة، بحشد آلاف المقاتلين لدعم الجيش السوداني في معاركه ضد قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تدمير بلدات وتشريد آلاف المدنيين. وأكدت أنه سعى إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع إيران، وزار طهران في نوفمبر الماضي.
وقالت إن لواء البراء، دفعت بأكثر من 20 ألف مقاتل إلى القتال ضد قوات الدعم السريع، معتمدة على أسلحة وتدريب وفرها الحرس الثوري الإيراني، مضيفة أن عناصرها ارتكبوا انتهاكات جسيمة شملت اعتقالات تعسفية وتعذيبًا وإعدامات ميدانية بحق من يُشتبه بارتباطهم بقوات الدعم السريع.