أثار الاستقبال الذي خصّ به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رؤساء خمس دول أفريقية غنية بالمعادن (ليبيريا، السنغال، موريتانيا، غينيا بيساو، والجابون) في البيت الأبيض، ضجة واسعة وأصداء عالمية ساخطة، خصوصًا من الأوساط الدبلوماسية، حيث وصفه خبراء بأنه "خالٍ من اللباقة" ويخالف الأعراف الدبلوماسية المتبعة.
وفي هذا السياق، علّق الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، على الواقعة قائلاً: “من الناحية السياسية والدبلوماسية، توجد أصول يتم مراعاتها وأمور يجب تطبيقها في استقبال الدول، سواء كانت كبيرة أو صغيرة”.
وأضاف بدر الدين، أن تصرفات ترامب “تعكس أمرًا أقل ما يُقال عنه بأنه غرائبي في تصرفاته وسلوكياته، حيث توجد نوع من العنجهية والشعور بالفوقية والعنصرية، وهو مخالفة صريحة لقواعد البروتوكول، خصوصًا عندما تكون مخالفات جسيمة لكل القواعد المتبعة”.
وأرجع الدكتور إكرام هذه السلوكيات إلى شخصية ترامب وشعوره بالسيطرة، خصوصًا بعد فوزه "باكتساح"، سواء على مستوى المجتمع الانتخابي، أو على مستوى أمريكا، ما “أعطى له إحساسًا بالفوقية، فهو يتمتع بسلوك التسلط الذي انعكس على شخصيته”.
"شخصية مضطربة":
من جانبه، قدّم الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، تحليلًا نفسيًا لشخصية ترامب، مشيرًا إلى أنه يتمتع بـ"شخصية مضطربة بشدة وبعمق وتحتاج إلى فحص نفسي".
وأوضح فرويز: “واضح أن البارانويا ارتفعت عنده جدًا ونرجسية وسادية عالية مبالغ فيها، لا يوجد أي إحساس بالمشاعر والأحاسيس، وعدم الاهتمام بطبائع التصرفات والاندفاعية والانفعالية اللحظية غير المفترض وجودها في رجل سياسة، ناهيك عن وجودها في رئيس بحجم دولة أمريكا”.
وحذر الدكتور فرويز من أن هذه السمات قد “تورطها في مشاكل عديدة مع دول أخرى، ما يسحب العالم إلى فوضى”، بل إنه دعا إلى “علاجه من قبل المؤسسات المهمة في أمريكا لمنعه من تنفيذ مخططات تدخل العالم في حرب عالمية ثالثة”.
استعلاء وتقويض للتعاون الدولي:
في إطار تحليل أعمق لأسلوب ترامب في التعاملات الدبلوماسية، قالت نهى أبو بكر، أستاذ العلوم السياسية، إن المقابلات التي أجراها ترامب وأسلوب تعامله “تتماشى مع نهج الاستعلاء وإظهار الضيق والمقاطعات بصورة غير معتادة دبلوماسيًا، وهو نهج لم يُعتد عليه في العلاقات الدولية والمقابلات الدبلوماسية”.
وأشارت أبو بكر إلى أن هذا النهج قد “تماشى مع سوابق مماثلة اتبعها ترامب سابقًا مع رئيس جنوب أفريقيا ورئيس أوكرانيا، وأقل حدة مع ملك الأردن، حيث يفاجئ الضيف بأسلوب عنيف غير صبور في الحوار أو بمؤتمر صحفي مفاجئ لم يكن في خطة الزيارة”.
واعتبرت أبو بكر أنه “ليس من المتوقع أن يستمر هذا النهج مع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية القادمين، لما له من انتهاك لفرص التعاون الدولي وتمثيل رؤساء الدول المختلفة لدولهم وسيادتها”.
وتوقعت أن “ينتج هذا النهج تقويضًا لرغبة القيادات الدولية من زيارة الولايات المتحدة منعًا لإحراجهم والتقليل من احترامهم أمام العالم وأمام شعوبهم، مما يُنقص من مشروعيتهم”.
وفي سياق متصل، أشاد الدكتور إكرام بتجاهل الرئيس السيسي دعوة ترامب له بزيارة البيت الأبيض ليناقش معه مقترحه لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، مبررًا ذلك بأن “لقاءه غير متوقع ولربما خرج اللقاء عن المألوف والكياسة المعمول بها في تلك اللقاءات التي تلتزم بالضوابط البروتوكولية”.