سجّل ليل الخميس الماضي أعنف اعتداء إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، منذ وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي برعاية أميركية-فرنسية-عربية، عبر ستّ عشرة غارة بالطيران المسيّر والحربي أدّت إلى تدمير ثمانية مبانٍ سكنية، إدّعى الجيش الإسرائيلي ووزيره يسرائيل كاتس أنّ تحتها بنى تحتية تابعة لحزب الله، لتصنيع الصواريخ الدقيقة والمسيّرات، كاشفاً عن تنسيق مع الولايات المتحدة سبق الغارات.
وكان اللافت هو الموقف الشديد اللهجة الذي أصدره رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عندما دان بشدة العدوان الاسرائيلي على محيط العاصمة وقال: "إنها رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، إلى الولايات المتحدة وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها، وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً"، فجاء الردّ في اليوم التالي على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس متوجّهاً إلى رئيس الجمهورية بالذات قائلاً: "إذا لم تفعلوا المطلوب سنواصل العمل بكل قوة، إذ على لبنان احترام الاتفاقيات الموقعة"، مهدداً بأنه "لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا نظام ولا استقرار من دون أمن لإسرائيل". وأضاف كاتس: "على الحكومة اللبنانية ضمان تطبيق الجيش لوقف إطلاق النار ونزع سلاح حزب الله ومنعه من إنتاج مسيّرات تُهدّد مواطني إسرائيل".
مخاطبة كاتس للرئيس عون بشكل مباشر تشكّل بحسب خبير عسكري "رسالة ضد نزع سلاح حزب الله بالحوار الذي يعتمده رئيس الجمهورية، لتجنيب لبنان أيّ مواجهة دامية بين الجيش والحزب، وفي مسعى إسرائيلي إغراق لبنان بالفوضى، علماً أن موقف الجيش لم يكن أقلّ من موقف رئيس الجمهورية، عندما أصدر بياناً لوّح فيه بتجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية "Mechanism" في ما خصّ الكشف على المواقع، بعدما باشرت قيادته التنسيق مع اللجنة لمنع وقوع الاعتداء، وقد توجهت دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها بالرغم من رفض العدو للاقتراح، وعدم التجاوب مع اللجنة بهدف إضعاف دور اللجنة والجيش، متخوّفاً من عودة الحرب على لبنان بسبب المأزق الذي تعيشه حكومة بنيامين نتنياهو، على خلفية أزمة الخدمة العسكرية للأحزاب الحريدية، ورفض الأحزاب المتطرّفة المنخرطة في التحالف الحكومي لهذا التجنيد، وقد كشف كبار حاخامات تحالف "يهودية التوراة المتحدة" أن التحالف الذي يمثل الطائفة اليهودية الحريدية المتشددة، سيسحب دعمه للحكومة، وهو يشغل سبعة من أصل ثمانية وستين مقعداً من أصل مئة وعشرين في الكنيست يدعمون الحكومة ما يضع مصير نتنياهو على المحك".