<
30 December 2025
هل يستهين العالم بخطر إنفلونزا الطيور؟.. خبراء يحذرون
يحذّر خبراء في الصحة والأوبئة من أن العالم قد لا يتعامل بالجدية الكافية مع الخطر المتصاعد لإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة، رغم توسّع انتشارها بين الحيوانات وظهور إصابات بشرية متفرقة، بعضها كان قاتلًا.

وبحسب تقرير نشره موقع "ScienceAlert" العلمي، فإن فيروسات إنفلونزا الطيور من فصيلة H5 لا تزال تشكّل خطرًا منخفض الاحتمال من حيث الانتقال المستدام بين البشر، إلا أن آثارها على الحيوانات مدمّرة، وقد تحمل مؤشرات مقلقة على احتمالات تطور أخطر مستقبلًا.

وتشير البيانات إلى نفوق نحو 9 ملايين طائر بسبب الفيروس، إضافة إلى إعدام مئات الملايين من الدواجن للحد من تفشي العدوى. والأكثر إثارة للقلق هو توسع الفيروس ليصيب ما لا يقل عن 74 نوعًا من الثدييات، من بينها فقمات الفيل والدببة القطبية، في موجات نفوق جماعي غير مسبوقة.

وفي الولايات المتحدة وحدها، سجلت أكثر من ألف مزرعة ألبان إصابات خلال العامين الماضيين، كما عُثر على آثار جينية للفيروس في الحليب، ما يثير مخاوف من مسارات جديدة لانتقال العدوى بين الأنواع.

أما في أوروبا، فقد تم رصد 1,444 طائرًا بريًا مصابًا في 26 دولة خلال فترة قصيرة من خريف 2025، وهو ما يمثل زيادة بأربعة أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.


إصابات بشرية محدودة... لكنها قاتلة
ورغم أن الإصابات البشرية لا تزال نادرة، فإن معدل الوفيات المرتبط بفيروس H5N1 يقترب من 50%، وهو رقم مرتفع للغاية. فمنذ عام 2003، سُجل أقل من ألف إصابة بشرية حول العالم، إلا أن وتيرتها بدأت بالتصاعد، خاصة في الأميركيتين.

وفي نوفمبر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة تسجيل أول وفاة بشرية بسلالة H5N5، في مريض كان يعاني من أمراض مزمنة، ما أعاد النقاش حول خطورة الفيروس وإمكانية تطوره.

ويحذر الخبراء من أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الفيروس نفسه، بل في تآكل أنظمة الإنذار المبكر. فقد كشفت جائحة كورونا عن ثغرات عميقة في الجاهزية الصحية، إلا أن كثيرًا من تلك الدروس لم يُترجم إلى استثمارات مستدامة.

وتشير تقارير علمية إلى أن نقص التمويل وتراجع تبادل البيانات الجينية، خصوصًا في الولايات المتحدة وأوروبا، يعيقان قدرة الباحثين على تتبع تحورات الفيروس وفهم مسارات انتشاره.

وفي النهاية، لا يؤكد العلماء أن جائحة جديدة باتت وشيكة، كما يشددون على أن احتمال انتقال إنفلونزا الطيور بين البشر لا يزال منخفضًا. لكنهم يحذرون من أن انخفاض الاحتمال لا يعني انعدام الخطر، خاصة في ظل غياب المناعة البشرية، وضعف الثقة بالخبرات العلمية، وتراجع أنظمة الرصد.

ويخلص الخبراء إلى أن تجاهل الإشارات المبكرة قد يعيد العالم إلى سيناريو مألوف... إنذار يُسمع متأخرًا، حين يصبح الثمن باهظًا.
العربية