انتهت جلسة مجلس الوزراء التي خصصت لدرس مشروع الانتظام المالي واستعادة الودائع
وبعد الجلسة تحدث رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وقال:
"أقر مجلس الوزراء اليوم مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع. وللأسف، خلال الأيام الأخيرة، ومنذ وضعنا هذا المشروع على طاولة البحث في مجلس الوزراء، صدرت الكثير من التعليقات والكتابات التي خالفت حقيقة مضمون القانون وتم تداولها بشكل مضلل. لذلك أود أن أؤكد على أمور أساسية.
أولا: جرى التشكيك في أن هذا القانون لا يدفع للمودعين ولا يضمن لهم 100 ألف دولار، سواء كانت مؤمنة أم غير مؤمنة. أود أن أؤكد بشكل واضح أن المودعين الذين تقل قيمة ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون على هذا المبلغ كاملا، أي من دون أي اقتطاع، إضافة إلى الفوائد المتراكمة عليه، وذلك خلال فترة 4 سنوات. وهؤلاء يشكلون نحو 85% من المودعين، سيحصلون على أموالهم كاملة وفي أقصر فترة زمنية ممكنة. أما المودعون الآخرون، فقد أكدنا وقلنا إنه لا يوجد شرط لبدء استرداد أموالهم، لأنهم سيستردون ودائعهم كاملة أيضا، ولكن ليس بالسرعة نفسها التي سيحصل عليها صغار المودعين. هؤلاء سيحصلون أولا على 100 ألف دولار، ثم على سندات قابلة للتداول بقيمة الرصيد المتبقي من حساباتهم.
لقد سمعنا الكثير من الكلام عن هذه السندات، وأنها بلا قيمة. هذا الكلام غير صحيح. هذه السندات لها قيمة كبيرة، لأنها معززة بأصول مصرف لبنان ومحفظة أصول المصرف المركزي تشمل ما يقارب 50 مليار دولار. لذلك من غير الصحيح القول إن هذه السندات مجرد أوراق بلا قيمة.
إضافة إلى ذلك، بعد حصولهم على 100 ألف دولار، يحصل المودعون على هذه السندات، وخلال الفترة الزمنية التي تلي ذلك يمكنهم سنويا استرداد ما نسبته 2% من قيمة هذه السندات. فعلى سبيل المثال، من يملك ودائع كبيرة، كمن لديه 3 ملايين دولار، يمكنه أن يسترد سنويا ما يقارب ستين ألف دولار تضاف إلى حسابه.
وكان هناك أيضا تشكيك في أن هذه السندات معززة بموجودات مصرف لبنان، وبأن الذهب في خطر. وقد شاهدنا حملات تزعم أننا نبيع الذهب. أؤكد بشكل قاطع أن لا أحد يبيع الذهب، لا أنا ولا غيري، ولن نبيع الذهب ولن نغامر به. هذا الكلام افتراء، وما شهدناه هو حملات رخيصة تهدف إلى التشويش.
لذلك أضفنا اليوم إلى المشروع بندا يؤكد تعزيز هذه السندات بما لا يخالف أحكام القانون رقم 42/86 المتعلق بحماية احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان. ولن نقوم بأي مزايدات في هذا الموضوع، فمسألة الذهب محسومة، وكل ما قيل خلاف ذلك هو افتراء.
كذلك قيل إن هذا القانون هو قانون عفا الله عما مضى، وهذا كلام معيب وغير صحيح. للمرة الأولى، يتضمن هذا القانون مساءلة ومحاسبة. وإذا كان هناك أي التباس حول مسألة التدقيق الجنائي، فإننا في بيان الحكومة الذي نلنا على أساسه الثقة، التزمنا باستكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة.
نؤكد مجددا أن استكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة أمر أساسي ولا نقبل المزايدة فيه. كل من حول أمواله قبل الانهيار المالي عام 2019 مستغلا موقعه أو نفوذه، وكل من استفاد من الهندسات المالية، وكل من استفاد من أرباح أو مكافآت مفرطة، سيخضع للمساءلة وسيطلب منه دفع تعويض قد يصل إلى 30% من هذه المبالغ.
كل هذا الكلام الذي تم تداوله هدفه التشويش وإثارة الخوف لدى المودعين، لا سيما صغار المودعين، وهو كلام غير صحيح.
نحن لا نستهدف المصارف بحد ذاتها. نعلم جميعا أنه لا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو من دون قطاع مصرفي سليم. لكننا ندرك أيضا أن الثقة بالنظام المصرفي قد تضررت بشدة خلال السنوات الماضية. هذا القانون يهدف إلى حماية المودعين والسماح باسترداد ودائعهم، كما يهدف إلى تعافي القطاع المصرفي من خلال تقييم أصول المصارف وإعادة رسملتها، لكي تستعيد دورها الطبيعي في تمويل الاقتصاد، وتحفيز النمو، وتسهيل الاستثمار، والقضاء على اقتصاد الكاش المتفشي في البلاد.
إن هذا القانون ليس مثاليا، وفيه نواقص، وقد أدخلنا عليه تعديلات مهمة في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء. قد لا يحقق تطلعات الجميع، وهذا أمر طبيعي، لكن الأهم أنه خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق، ووقف الانهيار الذي يعاني منه البلد، وإعادة العافية إلى القطاع المصرفي.
نحن نعمل ضمن الإمكانيات المتاحة، ولا نبيع أوهاما كما حصل في السنوات الماضية. نريد أن نكون صادقين مع الناس، والناس تستحق الصدق."