<
26 December 2025
قيمة احتياطات الذهب اللبنانية تقفز: فوق 40 مليار دولار

علي نور الدين- المدن:

يستعد مجلس الوزراء لمتابعة النقاش المتعلّق بمشروع قانون الفجوة الماليّة، اليوم الجمعة، وهو التشريع الذي سيحدّد كيفيّة التعاطي مع الموجودات والالتزامات المتبقية في ميزانيّة المصرف المركزي. وبموازاة هذا النقاش، نشر مصرف لبنان مؤخراً بيان الوضع المالي الخاص به، للفترة المنتهية في منتصف الشهر الحالي. وبشكلٍ عام، عكست الأرقام قفزة سريعة في قيمة احتياطات الذهب الموجودة في الميزانيّة، بفعل ارتفاع أسعار المعدن الأصفر عالمياً. كما عكست زيادة ملحوظة في حجم احتياطات العملات الأجنبيّة، ما أشّار إلى استمرار قدرة المصرف على جمع الدولارات من السوق.

في هذا المقال، تلخّص "المدن" أهم التحوّلات التي طرأت على ميزانيّة المصرف المركزي، خلال الفترة التي شهدت السجال حول مشروع قانون الفجوة الماليّة. كما تلخّص تأثير هذه التحوّلات على حجم هذه الفجوة نفسها، والأدوات المتاحة للتعامل معها.

تغيّر حجم الموجودات

وفق أرقام مصرف لبنان، ارتفعت قيمة احتياطات لبنان من الذهب إلى مستوى قارب الـ 40.03 مليار دولار أميركي، بحلول منتصف شهر كانون الأوّل الحالي، مقارنة بنحو 38.4 مليار دولار أميركي في بداية الشهر نفسه. وبهذا الشكل، تكون قيمة هذه الاحتياطات قد سجّلت ارتفاعاً بقيمة 1.63 مليار دولار أميركي، وبنسبة 4.2%، خلال فترة لم تتجاوز الـ 15 يوماً. وكما هو معلوم، يعود هذا الارتفاع إلى القفزات السريعة في أسعار الذهب العالميّة، فيما يقوم المصرف المركزي بإعادة تقييم الاحتياطات دورياً بحسب هذه الأسعار.

ومن المهم الإشارة ايضاً إلى أنّ قيمة هذه الاحتياطات لم تكن تتخطّى الـ 36.94 مليار دولار أميركي، في بداية شهر تشرين الثاني الماضي، ما يعني أنّ قيمة الاحتياطات سجّلت -حتّى اللحظة- ارتفاعاً بقيمة 3.09 مليار دولار أميركي، وبنسبة 8.4%، خلال فترة الشهر ونصف الشهر الماضية، أي في غضون 45 يوماً فقط.

يوم الأحد الماضي، وقبيل بدء مناقشة مشروع قانون الفجوة الماليّة، أصدرت جمعيّة المصارف بياناً طالب ببيع فوري لـ 10 مليارات دولار من موجودات المصرف المركزي. وكانت تلك إشارة واضحة لمقترح تصفية جزء من احتياطات الذهب، بحكم عدم توفّر هذه القيمة في الموجودات الأخرى. وأتت هذه المطالب في سياق طرح أفكار بديلة لمقاربات مشروع قانون الفجوة الماليّة، بعدما رفض أصحاب المصارف تحمّل 40% من كلفة تسديد كل وديعة لغاية 100 ألف دولار أميركي، كما ينص المشروع.

الارتفاع الراهن والمستمر، في أسعار الذهب، يؤشّر إلى حجم الخسائر التي يمكن أن يتحمّلها لبنان خلال الفترة المقبلة، في حال تمّت تصفية جزء من احتياطات المعدن الأصفر الآن، كما تطلب جمعيّة المصارف. فمصرف "غولدمان ساكس" توقّع قبل أيّام أن يستمر الارتفاع في أسعار الذهب حتّى أواخر العام المقبل، وصولاً إلى مستويات تقارب الـ 4,900 للأونصة. وبهذا الشكل، أي تصفية حاليّة لاحتياطات الذهب، ستعني خسارة مؤكّدة للمكاسب التي كان يمكن تحقيقها، لو احتفظ لبنان بكامل هذه الاحتياطات. وفي جميع الحالات، من المهم التذكير بأن التصفية المقترحة لاحتياطات الذهب، لا تأتي إلا في سياق البحث عن أدوات لتخفيض الكلفة التي سيتحمّلها المصرفيون، عند إعادة هيكلة قطاعهم.

من جهة أخرى، بيّنت أرقام مصرف لبنان أنّ حجم احتياطات العملات الأجنبيّة ارتفع من 11.85 مليار دولار أميركي في بدايات الشهر الحالي، إلى قرابة الـ 11.99 مليار دولار أميركي بحلول منتصف الشهر، ما يعكس زيادة معتبرة قيمتها نحو 138 مليون دولار أميركي خلال فترة 15 يوماً. مع الإشارة إلى أنّ المصرف المركزي يأخذ حجم هذه الاحتياطات بعين الاعتبار، عند قياس قدرته على المساهمة في ضمان أموال كل مودع لغاية مئة ألف دولار أميركي. والتغيّر في حجم الاحتياطات، على نحوٍ إيجابي، يؤثّر حتماً على واقعيّة فرضيّات مشروع قانون الفجوة الماليّة.

بنود المطلوبات

من جهة المطلوبات، استمرّت ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان بالتراكم خلال النصف الأوّل من الشهر الحالي، حيث ارتفع جحمها من 8.51 مليار دولار أميركي في بداية الشهر، إلى 8.68 مليار دولار أميركي في منتصفه. وبذلك سجّلت هذه الودائع زيادة إجماليّة بقيمة 170 مليون دولار، خلال فترة 15 يوماً فقط. وبالمقارنة مع بداية شهر تشرين الثاني الماضي، تكون هذه الودائع قد ارتفعت بقيمة 212.1 مليون دولار أميركي، خلال فترة شهر ونصف الشهر. ومن المهم التذكير بأنّ هذه الزيادات هي ما يسمح لمصرف لبنان بامتصاص الليرات النقديّة المتداولة في السوق، ما يسمح -بالمقابل- بشراء العملة الصعبة من دون خلق المزيد من النقد بالعملة المحليّة.

على أي حال، من المرتقب أن يحسم قانون الفجوة الماليّة، عند صدوره، مستقبل الأزمة التي ضربت ميزانيّة مصرف لبنان، والتي كوّنت الفجوة ما بين التزاماته وموجوداته بالعملات الأجنبيّة. فحتّى هذه اللحظة، لا تزال التزامات مصرف لبنان للقطاع المالي، وخصوصاً المصارف التجاريّة، تقترب من حدود الـ 83.58 مليار دولار أميركي، في مقابل الموجودات التي ذكرناها. وهذه الالتزامات، هي ما يُفترض أن يتم تخفيضه، أو إعادة جدولته، بموجب الأدوات التي سيتيحها قانون الفجوة.