الديار: كمال ذبيان-
الاستعراض الذي قام به النازحون السوريون في لبنان، ومن اللبنانيين حلفاء النظام الجديد في سوريا، احتفالاً بمرور عام على سقوط النظام السوري السابق، كاد ان يفجّر الوضع الامني، لانه اتخذ طابعاً مذهبياً، حيث توجه المحتفلون بانتصار "الثورة السورية" الى مناطق ذات غالبية شيعية، مما ادى الى حصول صدامات، لا سيما في حارة صيدا ومحيطها، مما استدعى تدخل الجيش، الذي اقفل المعابر الى بعض المناطق واقام حواجز وسيّر دويات، وجرت اتصالات سياسية وامنية، لوقف التحركات في الشارع.
هذا الحراك السوري جاء في توقيت خطير ودقيق يمر به لبنان، ومهدد من العدو الاسرائيلي بحرب واسعة مع استمرار عملياته العسكرية، مما دفع بالمسؤولين اللبنانيين الى التحرك السريع لمنع اندلاع فتنة، بعد ان بدأت مواقع التواصل، تبث مشاهد عن دراجات وسيارات تجوب المناطق والشوارع، فرفع الجيش من جهوزيته، وتمكن من ضبط الوضع الامني والحفاظ على الاستقرار، دون ان تنتهي المشكلة.
فما حصل توقف عنده المسؤولون والمتابعون للوضع في لبنان، ورأوا انه يقع في اطار تحريك الوجود السوري النازح وغير النازح في تفجير الوضع الامني، وهو ما تخوف منه مسؤولون سياسيون وامنيون، حيث عاد موضوع عودة النازحين السوريين الى واجهة الاهتمام، لان بقاءهم في لبنان لدواع امنية في سوريا، لم يعد مبرراً مع سقوط نظام بشار الاسد، ووصول "هيئة تحير الشام" بقيادة احمد الشرع الى السلطة، التي عادت معها العلاقات الرسمية بين البلدين، وتعليق العمل بمعاهدة "الاخوة والتعاون والتنسيق المعقودة بين لبنان وسوريا".
فالعودة الطوعية، هي ما يُعمل بها لا العودة الامنية، وينظم الامن العام في لبنان منذ تموز الماضي، وبعد قرار الحكومة فتح باب العودة للنازحين، رحلات اسبوعية لمن يرغب بالعودة. وقد بلغ عدد العائدين 3700 في 12 رحلة، وما زال الامن العام يعمل وفق الخطة، وهو ما يؤكد عليه مصدر في الامن العام، الذي يكشف بان الموضوع بحاجة الى قرار سياسي من الحكومة، لوضع خطة ضمن مهلة تعيد كل النازحين غير الشرعيين، الذين لا يملكون اوراقا ثبوتية تسمح لهم الاقامة والعمل في لبنان.
فالامن العام يقوم بواجبه، ومديره العام اللواء حسن شقير ومن سبقه من مدراء عامين، كان موضوع عودة النازحين السوريين اهتمامهم الاول، لانه من صلاحياته مراقبة الدخول الى لبنان والخروج منه من كل الدول والجنسيات، وان سوريا التي لها حدود مع لبنان، يصعب ضبطها بالكامل، مع وجود معابر غير شرعية، وتجار نقل البشر، وهذا ملف وضعه لبنان على رأس جدول اعماله مع السلطة السورية الجديدة، التي تبدي اهتماماً، ولكن ليس بالجدية المطلوبة، وحصلت ايجابيات عبر تنسيق امني واقفال معابر ومنع تسلل.
والنزوح السوري قنبلة امنية يمكن استخدامها داخل لبنان، وفق مصدر امني، الذي يشير الى ضرورة ان تقوم الامم المتدة التي ترعاهم، بفرض عليهم العودة لا التمني، بالرغم من انها قررت ان تساعد العائلات العائدة، بالدفع لهم مئة دولار عن كل فرد، الا ان هذا وحده لا يكفي، فلا بد من قرار دولي بعودة النازحين السوريين من لبنان، الذين انخفض عددهم قليلاً، وان بعضهم يعود الى لبنان تحت ذريعة امنية، وان منزله مدمر، والوضع الاقتصادي لا يسمح له بالعيش.
من هنا، فان تحرك النازحين السوريين في مناطق ذات غالبية سنية، كشف عن خطورة وجود نحو مليوني نازح، وهذا ما تراه مصادر سياسية متعددة، بانه يجب ان يكون اولوية في طرحه امام المراجع الدولية، التي ما زالت غير متحمسة لاعادتهم، مع تكرار الموفد الاميركي توم برّاك موقفه بضم لبنان الى سوريا، وازالة الحدود التي كرسها اتفاق "سايكس ـ بيكو"، وهو حدث تاريخي حصل بتقسيم الشرق الادنى. انما ما تقرأه المصادر في كلام براك، هو ادخال لبنان ضمن دائرة النفوذ السوري، كما كان في زمن الحكم السابق لحافظ وبشار الاسد منذ العام 1976 حتى 2005.
فالعودة الطوعية التي جرى الاعتراض عليها، لا سيما من "التيار الوطني الحر"، بدأت تظهر عواقبها على لبنان امنياً واقتصادياً، فيؤكد مصدر قيادي في التيار، بان الوجود السوري سيفتح في وجه الحكومة ولا تراجع عنه، لان ما اقدم عليه النازحون السوريون ليس بريئاً او عفوياً.