<
27 November 2025
إسرائيل تتابع صراع كاتس وزامير... ونتنياهو يربح

على الرغم من أن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش، إيال زامير، اجتمعا في لقاء تفاهم في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ فإن الصراع بينهما لم يخب، وما زال يثير موجة عارمة من الاستنكار في الشارع الإسرائيلي، ويجعل المعلقين يعدّونه دليلاً على أن حكومة نتنياهو باتت «مثل روضة أطفال تتلذذ فيها المعلمة بشجارات الأولاد».

ونشب الخلاف بين الطرفين، على خلفية عقوبات أصدرها زامير بحق ضباط كبار في الجيش، على خلفية مسؤوليتهم عن «الإخفاق الكبير» في التصدي لهجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بينما رفض كاتس تلك القرارات، عادّاً أنها أعلنت دون اطلاعه.

وهناك من يحذّر من أنه يمس بالأمن القومي، والجميع متفقون على أن هذا الصراع بمثابة مباراة ليّ الأيدي واستعراض عضلات؛ ليس بينهما فحسب بل بين الحكومة، وكل المؤسسة العسكرية والأمنية.

وبدا أن نتنياهو ينوي استغلال هذا الصراع بتهديد مكانة الوزير كاتس داخل الحزب (الليكود) عشية الانتخابات الداخلية، وتهديد مكانة زامير داخل الجيش؛ وبذلك يظهر نفسه على أنه القوي الوحيد في الساحة، ولا أحد قوياً عندما يكون هو هناك.

وكانت الحلقة الأخيرة في هذا الصراع قد تجلّت الليلة الماضية، عندما استدعى نتنياهو كلاً من زامير وكاتس إلى مكتبه لإصلاح ذات البين، لكن كاتس لم يحضر في الموعد، وأبلغ مكتب نتنياهو بأنه يفضّل عقد لقاءٍ منفرد مع كل منهما، فوافق نتنياهو، ليس لأنه لا يريد أن يصطدم معهما، بل لأنه يريد استغلال الخلاف حتى النهاية.

بث رسائل للطرفين

وقد دأب نتنياهو على بث رسائل للطرفين، فسرّب للإعلام نبأ حول احتمال إقالة كاتس لأنه يختلق معارك مع رئيس الأركان ويتعامل معه بفظاظة وغطرسة إلى درجة الإذلال، وفي الوقت نفسه سرّب نبأ يقول إن «نتنياهو يعتقد أن تعيين زامير رئيساً للأركان كان خطأ»، وإنه «يتصرّف باستقلالية مفرطة ويعمل خلافاً لما وعد به، وإنه تنكر لكل وعوده التي قطعها عندما جرى التداول حول المنصب؛ فقال إنه سيأتي بسياسة هجومية صدامية في غزة، ثم أظهر أنه غير معني بتوسيع الحرب».

وعندما انتشرت هذه التسريبات وبدا أنها ستشعل حرباً في الساحة السياسية، تم تسريب أنباء أخرى مناقضة؛ فاتهمت «أوساط عسكرية» بالوقوف وراء هذه التسريبات لدق الأسافين.

وقال مقربون من نتنياهو إنه لا ينوي إقالة كاتس ولا زامير؛ فالعلاقات معهما رتيبة وجيدة، لكن تأثير التهديدات لكليهما بدا واضحاً.

ما أصل الخلاف؟

وقد ارتقى الصراع درجات عديدة في الأيام الأخيرة، عندما قرر زامير معاقبة الجنرالات والعمداء والعقداء الذين قادوا الجيش في الجنوب عند هجوم حماس، ووضع قائمة ترقيات في قيادة الجيش على هواه من دون الرجوع إلى الوزير.

ورد كاتس، بتجميد الترقيات، ووضع لجنة تحقيق أخرى تحقق في تحقيقات الجيش وتوضح إن كانت مهنية حقاً.

ويصرّ زامير على أن التعيينات الجديدة والإقالات كلها مسائل مهنية للجيش، وليست لها علاقة بالوزير، بينما يعدّها كاتس تمرداً عليه.

وأما نتنياهو فقد انتقد زامير على تجاهله الوزير، قائلاً إن «الجيش خاضع للحكومة عموماً ولرئيس الحكومة ووزير الأمن بشكل خاص»، وانتقد كاتس على «زيادة معيار الهجوم على زامير والجيش».

تحميل المسؤولية للجيش

وعدّت صحيفة «هآرتس» هذا الصراع دليلاً على أن «حكومة 7 أكتوبر بقيادة نتنياهو مصممة على تحميل الجيش وحده المسؤولية».

ورأت أنه في سبيل ذلك فإن الحكومة تستخدم جميع الوسائل ومنها «زعزعة ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي، وتسييس التعيينات، وإهانة رئيس الأركان. فمن الأفضل لهم طمس الحقيقة وعدم تحمّل مسؤولية من قادوا البلاد في السنوات التي أدت إلى الفشل».

وقالت الصحيفة إن «الصراع بين وزير الدفاع ورئيس الأركان ليس شخصياً فحسب، بل هو جزء من عملية أوسع للسيطرة السياسية على جهاز الأمن، وفيها يبدو كاتس مجرد مبعوث لنتنياهو وعائلته؛ فهو، أي نتنياهو، يريد أن يفعل بالجيش الإسرائيلي ما يفعله إيتمار بن غفير بالشرطة».

وقال أفرايم غانور، خبير الشؤون الاستراتيجية، لصحيفة «معاريف»، إن ما حصل في هذه القضية هو فضيحة تنطوي على مساسٍ حقيقي بأمن الدولة. وعلى ماذا؟ على نزوات وزير دفاع لا يكف عن تلقيم شعب إسرائيل: «أمرت، قلت، قدت، طلبت، نفذت»، ونثر تهديدات في كل صوب. وأضاف: «لا شك أنه لو كان هنا رئيس وزراء يركّز على شؤون الدولة، أمنها ومستقبلها، وليس على محاكمته ونجاته، لما كانت هذه الظاهرة المعيبة أن تقع أمام ناظري الشعب».

لبيد يحشر نتنياهو في الزاوية

في غضون ذلك، أعلن رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، أنه سيطرح الأسبوع المقبل تصويت الكنيست (البرلمان) على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المكوّنة من 20 نقطة، بهدف تحقيق حل للأزمة في قطاع غزة وضمان الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.

وقد جاءت فكرة لبيد لغرض حشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الزاوية وإحراجه مع الإدارة الأميركية، لكون قسم كبير من وزراء ونواب الائتلاف لا يوافقون على هذه الخطة، بينما تؤيدها غالبية أحزاب المعارضة.

وينوي لبيد إقناع شريكه في المعارضة أفيغدور ليبرمان بتأييد الخطة، علماً بأنه يعارض كثيراً من بنودها حالياً.

وقال لبيد مبرراً خطوته: «الشعب الإسرائيلي ممتن للرئيس ترمب لقيادته صفقة شجاعة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. نحن ندعم الرئيس ترمب ونعزز جهوده لتنفيذ مراحل الخطة، وأتوقع أن تصوت جميع الأحزاب لصالحها».

الشرق الأوسط