أثار ثوران بركان هايلي غوبي في إثيوبيا حالة من القلق المتزايد، ليس فقط بوصفه حدثاً جيولوجياً تاريخياً، بل لما قد يخلّفه من تداعيات اقتصادية مباشرة على أكثر قطاعين تصديريين يعتمد عليهما الاقتصاد الإثيوبي، وهما البن والذهب.
ومع توسّع التغطيات العالمية للانفجار البركاني، تتصاعد التساؤلات حول مدى قدرة البلد على حماية صادراته من آثار الرماد والاضطرابات اللوجستية المحتملة.
انفجر البركان هايلي غوبي، الواقع في شمال شرقي إثيوبيا، للمرة الأولى منذ نحو 12 ألف عام، بحسب برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة "سميثسونيان".
ويقع البركان في إقليم عفر على بعد نحو 800 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، ضمن منطقة وادي الصدع التي تشهد نشاطاً بركانياً متكرراً بسبب تحرك الصفائح التكتونية، ما يجعل تأثيراته الجيولوجية قابلة للاتساع خلال الأيام المقبلة.
البن الإثيوبي.. محصول عالمي في مرمى الرماد البركاني
تُعدّ إثيوبيا رابع أكبر مصدر للبن عالمياً والأولى في أفريقيا، كما سجّل القطاع أرقاماً تاريخية في السنوات الأخيرة.
وقد بلغت قيمة عائدات البن في السنة المالية 2024-2025 نحو 2.65 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخ البلاد، فيما سجلت عائدات الربع الأول من 2025-2026، نحو 762.75 مليون دولار بنمو 47% سنوياً.
لكن هذه المكاسب مهددة إذا امتد تأثير الرماد البركاني إلى مناطق زراعة البن الممتدة في المرتفعات.
ومن بين التهديدات المحتملة لصادرات البن في إثيوبيا؛ تضرر المحاصيل إذا غطى الرماد المناطق الزراعية الرئيسية، انخفاض جودة الحبوب بسبب الجسيمات الدقيقة، تعطّل طرق النقل الداخلية المؤدية إلى مراكز التجميع وإلى ميناء جيبوتي، المنفذ الرئيسي للصادرات، إضافة إلى القيود على الطيران والشحن الجوي نتيجة الغبار البركاني المنتشر.
الذهب.. ثاني أكبر صادرات إثيوبيا يواجه ضغوطاً جديدة
يشكّل الذهب ثاني أهم صادرات البلاد بعد البن من حيث الإيرادات، ويعتمد جزء كبير من إنتاجه على التعدين الحرفي.
وشهدت صادرات إثيوبيا من الذهب ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، لتصبح المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في البلاد، وركيزةً أساسيةً في إصلاحاتها الاقتصادية.
وبلغت صادرات إثيوبيا من الذهب في السنة المالية 2024-2025 نحو 3.5 مليار دولار، وشكّل الذهب 42% من إجمالي إيرادات التصدير، حيث تم تصدير ما يقارب 37 طناً من الذهب في تلك الفترة، بزيادة عن أربعة أطنان فقط في العام السابق، ومع نشاط بركاني بهذا الحجم، قد تتأثر عمليات الإنتاج والنقل.
ومن بين مخاطر التصدير المحتملة؛ تعطّل عمليات التعدين إذا أثّر الرماد أو الاهتزازات على مناطق الحفر، بالإضافة إلى صعوبات في نقل الذهب من المناجم إلى مراكز الفرز أو نقاط التصدير.
وتعتمد السيناريوهات المحتملة لثوران بركان هايلي غوبي على مدى انتشار الرماد البركاني، واتجاه الرياح، ومدة استمرار النشاط البركاني.
وفي حال اتّسع نطاق التأثير، قد تجد إثيوبيا نفسها أمام تهديد مباشر لموردين يحققان معاً مليارات الدولارات سنوياً، إضافة إلى انعكاسات محتملة على أسعار البن عالمياً وسوق الذهب الإقليمية.
العربية