<
21 November 2025
ماذا طلبت أورتاغوس وكيف ردّ قائد الجيش عليها؟

عماد مرمل -

فاجأت الإدارة الأميركية السلطتين السياسية والعسكرية بقرار إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل لواشنطن، في تصعيد سياسي وديبلوماسي غير مسبوق، ترافق مع زيادة وتيرة الضغوط المالية والعسكرية على الدولة اللبنانية و«حزب الله». فكيف تلقّف المعنيون الرسالة الأميركية؟

تركت «القنبلة الأميركية» التي فُجّرت من بُعد بزيارة هيكل للولايات المتحدة، أصداء قوية في الداخل اللبناني وفي الأوساط الرسمية، بينما كان لافتاً انّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بادر فورًا إلى تأمين الغطاء السياسي للمؤسسة العسكرية بتشديده على «أنّ شيئاً لن يثني الجيش عن القيام بدوره الوطني، لا الحملات المشبوهة ولا التحريض، ولا التشكيك من أي جهة أتى سواء من الداخل او الخارج».

ويبدو واضحاً انّ عون أراد عبر هذا الموقف التأكيد أنّ الجيش ليس وحيداً او متروكاً في مواجهة الغضب الأميركي، وانّه كرئيس للجمهوربة وكقائد أعلى للقوات المسلحة، يتحمّل المسؤولية المعنوية عن أداء المؤسسة العسكرية ويغطيه بكامله، خصوصاً أنّ عون يعلم أنّ الرسالة الأميركية الشديدة اللهجة التي تلقّاها هيكل إنما هي موجّهة إليه أيضا وربما أولاً.

أما اليرزة، فقد تعاملت بأعصاب هادئة مع القرار الأميركي بإلغاء مواعيد هيكل في واشنطن، من دون أي ذعر او هلع، وإن كانت قد فوجئت به، في اعتباره يخالف ليس فقط تقاليد العلاقة القديمة بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني، وإنما كذلك الانطباعات الإيجابية التي كان غالبية الموفدين الأميركيين قد كونوها عن الدور الذي يؤديه الجيش في منطقة جنوب الليطاني ضمن سياق تنفيذ خطته لحصر السلاح، ومن بين هؤلاء قائد القيادة الأميركية الوسطى الذي عبّر في أكثر من مناسبة عن ارتياحه إلى هذا الدور وفاعليته على الأرض.

ولكن ما لبث أن تبين، ربطاً بإلغاء زيارة هيكل لواشنطن، انّ «الإتجاه المتشدّد» في الإدارة الأميركية والكونغرس يملك نفوذاً وتأثيراً كبيرين، وهو يريد من الجيش ان يكون أكثر صرامة وشراسة في التعاطي مع ملف سلاح «حزب الله»، حتى لو أدّى ذلك إلى حصول مواجهة مسلحة بينه وبين «الحزب»، معتبراً أنّ الخطة التي وضعها الجيش لحصر السلاح وأقرّتها الحكومة في جلسة 7 أيلول، هي غير كافية وغير مقنعة، سواء بآليتها او بروزنامتها.

كذلك، أبدى الأميركيون انزعاجهم من الأدبيات التي لا يزال الجيش يستعملها، سواء في بياناته الرسمية او في اللغة، التي يستخدمها قائده خلال لقاءاته مع الموفدين، خصوصاً لجهة الإصرار على توصيف إسرائيل بأنّها «عدو».

وتفيد المعلومات انّ المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس كانت قد أبدت، أثناء أحد اجتماعاتها مع هيكل، تذمّرها وامتعاضها من استخدامه في سياق الحديث عبارة «جيش العدو الإسرائيلي»، داعية إياه إلى استبدالها بـ»جيش الدفاع»، فأجابها قائد الجيش بأنّ الدولة اللبنانية تعتبر، على المستويين الرسمي والقانوني، أنّ إسرائيل عدو، وبالتالي يتوجب عليه أن يتقيّد بهذا التعريف، والموضوع ليس عنده.

من هنا، يمكن الاستنتاج وفق المطلعين على كواليس «الديبلوماسية الخشنة» التي تعتمدها واشنطن حيال لبنان، انّ المطلوب أميركياً هو تغيير عقيدة الجيش وليس فقط سلوكه، بحيث يصبح متماهياً مع سياسات الولايات المتحدة، ولا تظل إسرائيل مصنّفة عدواً له.

الّا انّ العارفين بشخصية هيكل، يلفتون إلى انّه صعب المراس «وعندو ركاب»، مشيرين إلى انّه «حريص على التعامل مع الأميركيبن والجهات الدولية الأخرى من الندّ للندّ، وهذا ما تثبته مجريات اللقاءات التي يعقدها في الغرف المقفلة، إنما من دون أن يعني ذلك انّه يجهل او يتجاهل أهمية الإبقاء على علاقة جيدة بالولايات المتحدة تحت سقف المصالح المشتركة»، تبعاً للمطلعين.

الجمهورية