خاص tayyar.org
يفتح التلميح الأميركي إلى إمكان تجميد التعاون العسكري مع لبنان، نافذة جديدة على طبيعة اللحظة اللبنانية. فالأزمة المفاجئة، التي جاءت من خارج السياق التقليدي للعلاقة العسكرية – الديبلوماسية بين بيروت وواشنطن، تعكس مقاربة أميركية أكثر برودًا تجاه المؤسسات الرسمية، في ظل تزايد القناعة الاميركية بأن التوازنات القائمة لم تعد قادرة على إنتاج التزامات واضحة تتصل بالملفات الأمنية الحساسة.
في الداخل، أخذت السلطة التهدئة خيارًا إلزاميًا، مدفوعًا بحسابات ترتبط بلسلة الأرمات التي لم تجد بعد حلاً لها. ولعلّ الاتصالات القائمة عبر القنوات العسكرية والسفارة الأميركية تعكس محاولة مزدوجة: تجنّب انهيار ما تبقّى من الثقة الغربية من جهة، ومن جهة أخرى إبقاء الدعم العسكري ضمن الحدّ الأدنى الضروري لمنع اهتزاز الاستقرار الهش.
أما في واشنطن، فتتقدّم أصوات تُعيد النظر بدور الجيش في ظل تعاظم نفوذ القوى غير الرسمية، معتبرة أن المساعدات يجب أن ترتبط بقدرة الدولة على استعادة حدّ أدنى من السيادة الفعلية. هذا المسار يضع المؤسسة العسكرية أمام اختبار غير مسبوق، إذ يُفرض عليها الدفاع عن موقعها كشريك موثوق في لحظة تتبدّل فيها الحسابات الأميركية والإقليمية بسرعة.
وسط هذه الضبابية، يظهر أن مسار إعادة تطبيع العلاقة سيحتاج إلى مقاربة أوسع تتجاوز زيارة أو اجتماع، نحو حوار يعيد تحديد حدود الدور والالتزامات المتبادلة.