عكس السير: هلا حداد-
في ظلّ الاستعدادات للانتخابات النيابية المقبلة وتبلور ملامح التحالفات السياسية في قضاء الشوف تحديدًا، يبرز اسم النائب غسان عطالله كأحد الوجوه البارزة في التيار الوطني الحر. في هذا الحوار، يتناول عطالله تطوّرات الملف الانتخابي، واحتمالات التحالفات المقبلة، ومشاركة المغتربين في صناعة التغيير، ورؤيته لموقع المرأة في الحياة السياسية والتشريعية، وسبل تعزيز حضورها ودورها في المجتمع.
– هل بدأ الحراك الانتخابي في الشوف؟
الجميع بدأ بالتحرّك. من لم نره منذ أربع سنوات، عاد اليوم ليزور الناس، ويقدّم واجبات التعزية، ويحضر القداديس، ويُذكّرهم بوجوده.
– تقصد تحرّك المرشحين؟
أتفهّم تحرّك المرشحين الجدد، لكن ما لا أفهمه هو كيف لنائب مضى على وجوده في المجلس النيابي أكثر من خمسة عشر عاماً أن يغيب عن الناس أربع سنوات، ثم يعود قبل أشهر قليلة من الانتخابات ليبدأ بجولات التقديس معهم!
المهم أن الناس لا ينسون أنهم لم يروه طوال أربع سنوات، ولم يُجب على اتصالاتهم، ولم يقف إلى جانبهم في أي شأن، وها هو اليوم يقول إنه سيشاركهم القداس يوم الأحد... كالة الناس ليست لستة أشهر، بل لأربع سنوات كاملة.
– هل لا يزال مطروحًا تأجيل الانتخابات تقنيًا؟
تأجيل الانتخابات اليوم ليس بالأمر السهل، فالواضح أنّ هناك ضغطًا دوليًا واضحًا لإجرائها في موعدها. لكن، وكما نعلم، في لبنان غالبًا ما تحدث مفاجآت في اللحظة الأخيرة. وبرأيي، أجواء الانتخابات لا تزال حاضرة حتى اللحظة.
– هل هناك تسوية بشأن اقتراع المغتربين؟
هناك خوف جدّي من تعطيل اقتراع المغتربين، وهذا سيكون بمثابة ضربة قاسية للاغتراب اللبناني. فالمغترب هو الحصانة الحقيقية والضمانة المستمرة للبنان في كل الأزمات: كان السند في زمن الحرب الأهلية، وفي الأزمة الاقتصادية، وخلال جائحة كورونا. من حقّه أن يتمثّل بنواب يختارهم بنفسه. لقد منحناه حقين: حق الاقتراع، وحق التمثيل. لكن المؤسف أن الصورة الحالية تُظهر وكأن هناك تفاهمًا ضمنيًا بين كتل نيابية، تبدو متخاصمة في الشكل، لكنها متوافقة في الباطن على تفريغ حق المغتربين من مضمونه وتعطيله.
– في هذا الموضوع، هناك وجهات نظر دستورية متناقضة؟
لا يمكن لأحد أن يُلغي بندًا في القانون قبل أن يُنفّذ. بعد إقرار أي تشريع، يُمنح عادة عشر سنوات لتقييم التطبيق قبل التفكير بتعديله. ما يحصل اليوم هو إلغاء مادة تشريعية لم تُنفَّذ بعد، وهذا أمر غير مسبوق. حين تمّ إقرار هذه المادة، جرى التوافق عليها بين غالبية الكتل النيابية، والتي لا تزال بمعظمها مُمثّلة في المجلس النيابي الحالي. لكن، ولأسباب ومصالح شخصية، يُحرم اليوم المغترب – الذي كان دائمًا سندًا للبنان في كل الأزمات – من حقه في الاقتراع. ثم نسمع البعض يتساءل: لماذا لا يعود المغترب؟ ببساطة، لأنه فقد الإيمان بدولته.
– الناخب في منطقتك، هل سيصوّت لك من أجل الخدمات، الانتماء الحزبي، أم الخطاب السياسي؟
الناخب في لبنان، في كثير من الأحيان، تحرّكه العاطفة، ولا يزال يهتمّ ببعض الأمور التي لا تندرج ضمن مهام النائب الدستورية. لذلك، تجد أنّ للخدمات أهمية بالنسبة له، لا سيّما في ظل تقصير الدولة، فيشعر أنّ الحصول على الخدمة هو امتياز وليس حقًّا، وهذا ما نرفضه ونحاربه. يجب أن تُقدَّم الخدمات من الدولة بشكل مباشر ومن دون شروط. لكن الواقع أنّ النائب بات مضطرًا لأن «يقاتل» لتأمين الزفت أو الإنارة أو المياه للبلدات، رغم أنّ هذه من مسؤوليات الدولة. في المقابل، هناك شريحة واسعة من الناس تهتم بالخطاب السياسي والمواقف والانتماء الحزبي، وهذا ما نُراهن عليه.
– من هو الحليف الدرزي للتيار الوطني الحر في الشوف؟
التحالفات، حتى هذه اللحظة، لم تتضح بشكل نهائي لدى أيّ من الأفرقاء. الجميع يتواصل ويتباحث مع الجميع. أما بالنسبة لنا كتيار وطني حر، فنحن منفتحون على جميع الأطراف في الشوف، باستثناء القوات اللبنانية، حيث تكمن مشكلتنا الوحيدة. أما باقي الجهات، فنحن مستعدون للجلوس معها والتحاور بكل انفتاح.
– هل أصبح واضحًا من هم مرشحو التيار الوطني الحر في الشوف؟
إذا أمكن تأجيل هذا السؤال لمدة أسبوع، فالصورة ستتضح أكثر، وسأكون قادرًا على إعطاء جواب واضح.
– ماذا عن دعم المرأة في العمل السياسي؟
لقد حان الوقت ليُقِرّ مجلس النواب الكوتا النسائية، لأن من الصعب على المرأة أن تحقق تمثيلًا وازنًا في غياب هذا الدعم المؤقت. وإذا ما تمّت مساعدتها في مرحلة معينة، ستصبح المهمة لاحقًا أسهل عليها. أما بالنسبة لنا، فنحن نعتبر الكوتا حقًا من حقوق المرأة، ونحن داعمون لهذا الحق بشكل واضح.
– هل أنتم مع حق المرأة في منح جنسيتها لأولادها؟
المشكلة الأساسية التي نواجهها اليوم تكمن في الواقع الديمغرافي الشاذ الناتج عن النزوح السوري واللجوء الفلسطيني. لولا هذا الواقع، لكانت الأمور أسهل بكثير. نحن نطالب بعودة الفلسطينيين والسوريين إلى بلدانهم، لأن منحهم الجنسية اللبنانية سيؤدي إلى اندماجهم الكامل في المجتمع، ما يخلق خللاً ديمغرافياً لا قدرة للبنان على تحمّله.
– ما موقفكم من الزواج المدني؟
ليست لدينا أي مشكلة مع الزواج المدني. نحن مع تطبيق اتفاق الطائف بكامل بنوده، بما فيها قوانين الأحوال الشخصية بشكل متكامل. ونعتبر أنفسنا حزبًا أقرب إلى العلمانية منه إلى الطائفية. لبنان، بتنوّعه وتعدده، بحاجة إلى قوانين من هذا النوع، خصوصًا أن اللبنانيين يضطرون للسفر خارج البلاد لإبرام زواج مدني ثم يعودون لتسجيله هنا. لماذا نحرمهم من هذا الحق في وطنهم؟
– هل تؤيدون إلغاء المادة التي تُجرّم المثلية؟
في هذا الموضوع، نرى أنه لا ينبغي الخروج عن القيم الإيمانية. نحن بلد متعدد الطوائف، لكن يجمعنا جميعًا الإيمان. لذلك، من الضروري الحفاظ على القيم والأخلاق التي نتمسّك بها، وعدم الانجراف وراء نماذج لا تُناسب بيئتنا. حتى بعض الدول الغربية التي ذهبت بعيدًا في هذا المجال بدأت بإعادة النظر وفرض ضوابط.