<
11 November 2025
الأخبار: إغلاق «القرض الحسـن» مسألة وقت؟

الأخبار: على وهج المناخات التصعيدية التي تُشيعها عن نيتها القيام بعمل ما على الجبهة اللبنانية، أعلنت إسرائيل على لسان بنيامين نتنياهو أمس، أنها «عازمة على فرض اتفاقات وقف إطلاق النار حيثما وجدت بيد من حديد، ونعمل ضد من يسعون إلى تدميرنا، ويمكنكم أن تروا ما يحدث يومياً في لبنان»، مضيفاً: «إن الحرب لم تنتهِ بعد، أعداؤنا يُعيدون التسلّح. لم يتخلّوا عن رغبتهم بتدميرنا جميعاً».

 

ولأن الأمر لا يستوي بالضربات العسكرية، واصلت الولايات المتحدة استراتيجية الضغط المتعدّد الأوجه، لتحقيق الهدف نفسه، القاضي بنزع سلاح حزب الله بالقوة، من خلال إطباق الحصار عليه من جميع الجهات، ولا سيّما المالية منها.

 

وللغاية، جاءت زيارة وفد الخزانة الأميركية إلى بيروت، والتي لا يُمكن فصلها عن جولته في المنطقة، حيث مرّ بتركيا وإسرائيل قبل لبنان، فهي تتصل بالتنسيق الاستخباراتي والتقني لمكافحة طرق حزب الله في إدخال الأموال إلى لبنان، إذ تؤكّد المعلومات أن الأميركيين يواجهون صعوبة كبيرة في مواجهة الآليات، لذا فإن خطتهم في المرحلة الراهنة هي تشديد الرقابة على كل ما يُمكن أن تكون له صلة بتمويل الحزب.

 

وطالبت أميركا لبنان بـ«بـ«إغلاق قنوات تمويل حزب الله، مهما كان شكلها»، ودعته إلى تشديد تطبيق الإجراءات المالية القانونية التي اتّخذها لإنهاء الاقتصاد النقدي الذي يستخدمه الحزب لتمويل عمله، وعدّ ذلك مهمّة يجب تنفيذها إلى جانب مهمة نزع السلاح التي تراها ذات أولوية، وأن على الدولة اللبنانية تنفيذها التزاماً بتعهّداتها بحصرية السلاح.

 

وبحسب مصدر رسمي فإن الجانب الأميركي يحمل مجموعة من المُقترحات التي سيطلب إلى الأجهزة الحكومية والأمنية والمالية العمل بها، من أجل ضمان عدم تدفّق الأموال إلى الحزب، لا عن طريق مكاتب تحويل الأموال الشرعية أو غير المُرخّصة، وأن يكون هناك برنامج تدقيق في البيانات يلبّي الحاجة، كذلك التثبّت من عمليات الاستيراد والتصدير والمدفوعات المالية، وذلك على خلفية معلومات سرّبها العدو خلال الأيام العشرة الماضية، عن عمليات مالية كبيرة يقوم بها حزب الله عن طريق مهرّبين أو عن طريق تجّار لديهم وضعية قانونية، أو حتى من خلال شركات تحويل الأموال.

 

وكشف المصدر أن الملف نفسه كان مَدار بحث بين مسؤولين أميركيين وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد خلال وجوده في واشنطن، وأنه أجاب على أسئلة حول «جمعية القرض الحسن»، قائلاً: «إنها جمعية مُعطّلة قانونياً، وتعمل بصورة غير شرعية، لكنّ توقيفها عن العمل بصورة كاملة، يتطلّب إجراءات من الحكومة، وأعتقد أنها مسألة وقت فقط».

 

الغارات الإسرائيلية تتواصل، ونتنياهو يعود إلى الحديث عن الحرب ضد «أعداء لم يتخلّوا عن رغبتهم بتدميرنا جميعاً»

 

وجاءت المطالب الأميركية خلال زيارة وفد وزارة الخزانة، الذي ترأّسه المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي، الدكتور سيباستيان غوركا، وضمّ وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون هيرلي، والمختصّ في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي رودولف عطالله وآخرين. وقد التقى الوفد مساء الأحد الرئيس جوزيف عون، كما التقى شخصيات رسمية وسياسية من بينها وزيرا العدل عادل نصار والداخلية أحمد الحجار، والنائبان سامي الجميل وفؤاد مخزومي.

 

وعلمت «الأخبار» أن الوفد الأميركي يضم شخصية كانت تتولّى مهمة تدريب الضباط الوافدين من دول صديقة إلى الولايات المتحدة، وأن الرئيس عون كان مشاركاً في دورة حاضر فيها الضابط المذكور، والذي توجّه إلى عون مُذكِّراً بتاريخ العلاقة بينهما، ولكنه وجّه إليه «لوماً قاسياً، لعدم القيام بما يلزم من أجل نزع سلاح حزب الله، ومنع هذا التنظيم من الاستمرار في العمل في لبنان».

 

وقالت مصادر مواكِبة للزيارة، إن الوفد «لم يكن يهتم حصراً بمكافحة تبييض الأموال والاقتصاد القائم على النقد، وإغلاق القرض الحسن وكل ما يتعلق بحزب الله»، بل إنه «يرصد أيضاً كل ما له علاقة بالفساد، حتى إن معلومات تؤشّر إلى أنه وضع لائحة من الأسماء التي يُمكن أن تُفرض عليها عقوبات ولا علاقة لها بالحزب وإنما بالنظام السياسي اللبناني».

 

من جانبه، كرّر الرئيس عون، أن «المسار التفاوضي مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلاد العليا»، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البلغاري رومن راديف: «إن الجيش أمامه مهمة مصيرية في بسط سيطرته على كامل أراضي البلاد»، بينما كان العدو يوسّع من رقعة اعتداءاته، حيث شنّت مقاتلاته سلسلة غارات على مناطق في الجنوب والبقاع، بالتزامن مع تحليق كثيف للطائرات المُسيَّرة فوق الجنوب والبقاع وبيروت.

 

وفي السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين أنّ إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح «حزب الله».

 

ووفق المصادر، طالبت إسرائيل خلال اجتماعات «الميكانيزم»، في تشرين الأول الماضي بأن يشمل دور الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة، إلا أنّ مندوب الجيش اللبناني رفض الأمر بشكل قاطع، محذّراً من أنّ تنفيذ مداهمات داخل القرى الجنوبية سيولّد توتّراً داخلياً ويمسّ بالاستراتيجية الدفاعية.

 

وأضاف أن هذا الطلب طُرح في الأسابيع القليلة الماضية، ورفضته قيادة الجيش اللبناني خشية أن يؤدّي إلى إشعال فتيل نزاعات أهلية وعرقلة استراتيجية نزع السلاح التي يرى الجيش أنها استراتيجية تتوخّى الحذر لكنها فعّالة.

الأخبار