<
07 November 2025
«المنطقة المغلقة» على حدود مصر وإسرائيل... 3 أسباب و«لا صدام»

في تحرك جديد على الحدود مع مصر، أعلنت إسرائيل رسمياً عن تجهيز منطقة عسكرية مغلقة لمنع «تهريب الأسلحة»، ما أثار مخاوف جديدة من تفاقم التوتر بين البلدين، الذي بدأ مع حرب غزة وتصاعدت وتيرته مع احتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح والانتشار بمحور فيلادلفيا قبل نحو عام.

ذلك التوتر الذي خفت حدته مع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عاد وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» مع إعلان إسرائيل عن تلك المنطقة المغلقة.

ورجح الخبراء ثلاثة أسباب وراء اتخاذ إسرائيل تلك الخطوة: رسائل للداخل قبل الانتخابات، وفرض أمر واقع قبل تدخل القوات الدولية، والحيلولة دون رصد سلوكياتها العسكرية داخل القطاع أو تقييد تحركاتها؛ مستبعدين حدوث صدام مع القاهرة.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد أعلن في بيان، الخميس، أنه أصدر تعليمات للجيش لتحويل المنطقة المتاخمة للحدود بين إسرائيل ومصر إلى منطقة عسكرية مغلقة، وتعديل قواعد الاشتباك تبعاً لذلك «من أجل التصدي لتهديد الطائرات المُسيّرة الذي يعرّض أمن الدولة للخطر الذي يهدف إلى تسليح أعدائنا، واستهدف كل من يقتحم تلك المنطقة».

ولم تعلق القاهرة على تلك المزاعم، لكنها نفت سابقاً صحتها عندما وردت أكثر من مرة على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

مزاعم الطائرات المسيّرة

وجاءت تصريحات كاتس بعد إعلانات من الجيش الإسرائيلي، يومي الأحد والثلاثاء، عن إحباط عمليات تهريب عقب اعتراض طائرات مسيّرة عبرت الحدود. وأيّد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير قرار كاتس، مشيداً عبر منصة «إكس» بإدراكه أن التهريب هناك «يخدم أهدافاً إرهابية».

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن تصريحات كاتس تأتي «للاستهلاك المحلي» قبل الانتخابات الإسرائيلية العام المقبل، وتخلق توتراً جديداً مع مصر التي قال إنها «تدرك ما وراءها، وستبقي حريصة كل الحرص على أمنها القومي وكذلك بقاء السلام خياراً استراتيجياً».

وأكد أن إسرائيل تخالف معاهدة السلام منذ حرب غزة بوجودها في محور فيلادلفيا قرب الحدود، وهو ما ترفضه مصر، مضيفاً: «المنطقة الجديدة المزعومة جزء من الاستفزازات ومحاولة فرض أمر واقع لا أكثر، خاصة أن مصر نفت أكثر من مرة صحة حدوث أي تهريب».

ويرى الدكتور طارق فهمي، الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، أن الإعلان الإسرائيلي «محاولة لتفادي ما هو قادم من تشكيل قوة دولية بشأن غزة خلال نحو أسبوعين، تخوفاً من تقييد الحركة الإسرائيلية في تلك المناطق، فضلاً عن الحيلولة دون رصد سلوكياتها العسكرية العدائية المتوقعة عندما يتم تسيير مسيّرات من القوات الدولية لرصد الوضع بالقطاع، بخلاف أنها نتاج خلافات عسكرية إسرائيلية داخلية حول التعامل مع المرحلة المقبلة».

معاهدة السلام

جاء الإعلان الإسرائيلي بشأن المنطقة المغلقة بعد ساعات من تأكيد الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، في حوار تلفزيوني، الأربعاء، أن التصريحات التي يطلقها مسؤولون إسرائيليون بشأن الجيش المصري تأتي في إطار ما وصفه بـ«التهرب السياسي»، مشيراً إلى أن إسرائيل «دأبت على تكرار تلك المزاعم خلال العامين الماضيين».

 

وأضاف أن نتنياهو «زعم وجود أنفاق بين مصر وقطاع غزة تمر عبرها الأسلحة ويخرج منها المحتجزون، وتلك ادعاءات لا تستند إلى أي حقائق ميدانية؛ فضلاً عن وجود وزراء متطرفين في الحكومة الإسرائيلية يطلقون تهديدات متكررة ضمن نهج يعتمد على سياسة إلقاء المسؤولية على الآخرين».

 

وقال إن إسرائيل تحاول تعبئة المجتمع الإسرائيلي الداخلي بعد أن فقدت حكومة نتنياهو «دعاية الانتصار المطلق التي روّجت لها عقب بدء اتفاق غزة»؛ مؤكداً أنه على الرغم من أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية تشهد قدراً من التوتر، فإن القاهرة «تعاملت مع الموقف بحكمة واتزان، عبر تمسكها باتفاقيات السلام من جهة، وصون السيادة والأمن القومي المصري والقضية الفلسطينية من جهة أخرى».

 

واتهم الإعلام الإسرائيلي مصر مرات عديدة بخرق معاهدة السلام الموقعة بين البلدين؛ وذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، الشهر الماضي، أن نتنياهو طلب من إدارة ترمب الضغط على مصر لتقليص «الحشد العسكري الحالي» في سيناء.

 

وردت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية سريعاً، مؤكدة أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».

 

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في حوار تلفزيوني، مساء الثلاثاء: «مصر دائماً دولة كبرى وتحترم التزاماتها، ولو أبرمت معاهدة سلام مع أي دولة، بما فيها إسرائيل، فلا يمكن أن تخرق المعاهدة طالما التزم الطرف الآخر»، مؤكداً أن العلاقة مع إسرائيل «شهدت احتقاناً شديداً بسبب حرب غزة، وترك ذلك انعكاسات على التواصل».

 

ويؤكد فرج أن مصر ملتزمة باستراتيجية السلام ولم تخالف أي بند فيها ولا تسعى لأي أزمات، «لكن إسرائيل هي من تفتعل تلك الأمور، وعليها أن تراجع نفسها فوراً». ورجح ألا يدفع الإعلان عن تلك المنطقة المغلقة المحتملة لنقطة صدام بينهما، كما استبعد أن تصدر مصر بياناً عن تصريحات إسرائيلية محتملة «معروف ما وراؤها من أسباب».

 

واتفق فهمي مع الرأي الذي يستبعد أن يصل الأمر لنقطة صدام.

الشرق الأوسط