عبّرت المبادرة المصرية أو الطروحات التي طرحها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، عن ثوابت سياسة مصر في السعي للإستقرار الإقليمي.
وفي هذا إطار متابعة خلفيات هذه المبادرة، كان لtayyar.org "دردشة" مع الباحث والكاتب الصحفي المصري محمد فوزي، الذي أشار في حديث خاص إلى أنه "في ثنايا كافة الجولات الدبلوماسية وحالة الحراك المكثف التي تتم من قبل العديد من الأطراف على الساحة اللبنانية، فإن زيارة رئيس المخابرات المصرية السيد حسن رشاد إلى بيروت حظيت بخصوصية كبيرة، وذلك ارتباطاً ببعض الأسباب الرئيسية.
وأوضح فوزي: "الزيارة عبرت عن انخراط مصري كبير في جهود التهدئة في لبنان جاءت في أعقاب زيارة هي الأولى من نوعها منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ إلى تل أبيب قام بها "رشاد" والتقى فيها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وربما قرأت القاهرة من خلال هذا المسار وجود نوايا إسرائيلية للتصعيد مجدداً في لبنان، ما استدعى التحرك.
وأضاف: "كما أن هذا التحرك المصري جاء في أعقاب نجاح كبير حققته القاهرة في حلحلة ملف وقف إطلاق النار في غزة، وتم تتويجه بقمة شرم الشيخ للسلام، ما أعطى الحراك المصري زخماً إقليمياً كبيراً، وعلى مستوى شخصي كان لتجربة قمة شرم الشيخ واتفاق وقف إطلاق النار أثر كبير في إنضاج علاقة وزيادة موثوقية اللواء "رشاد" مع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنير، وهو ما يمكن أن يوظّفه لمصلحة الدخول في وساطة للتفاوض بين لبنان وإسرائيل".
وقال فوزي: "أيضاً ليس من قبيل المبالغة القول بأن الدور المصري في لبنان يحظى باستثنائية كبيرة، على اعتبار المقبولية التي يحظى بها، والعلاقات التي تربط القاهرة بكافة الطيف اللبناني، في ضوء سياسة القاهرة التي تحرص دائماً على خلق هذا التوازن، كما أن الجانب اللبناني سينظر للقاهرة باعتبارها تحظى بميزة نسبية على اعتبار القدرة على التنسيق والضغط للحصول على ضمانات أمريكية إسرائيلية، ومن جانب آخر تملك القاهرة العديد من أدوات التأثير على الحزب، خصوصاً في ظل العلاقات المتنامية للقاهرة مع إيران.".
وأكد فوزي: "زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى لبنان قد اشتملت على خطة، وباستقراء مجمل الموقف المصري من التطورات في الإقليم، وكذا محددات السياسة الخارجية المصرية، فإن هذه الخطة لن تخرج عن بعض النقاط الرئيسية ومنها: وقف كافة الأعمال العدوانية الإسرائيلية على لبنان براً وبحراً وجواً، انسحاب كامل لإسرائيل من النقاط التي احتلتها، بالتزامن مع إعادة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، والإعلان عن خطة زمنية لنزع سلاح حزب الله، على قاعدة التوافق الداخليّ وعدم تفجير الساحة الداخليّة وتحويلها إلى صراعات أهليّة".
ولفت فوزي الى "إنّ أهم ما في زيارة اللواء حسن رشاد إلى لبنان، ليس في النتائج المباشرة لها، وما إن كان سيترتب عليها مباحثات مباشرة أم غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل، لكن الزيارة تؤكد على استعادة القاهرة لزمام المبادرة في الملف اللبناني، كما أن هذه العودة مصحوبة بتفهم القاهرة للسياق اللبناني المعقد سياسياً وطائفياً، ورؤية مفادها ضرورة وضع المطالب والمصالح الوطنية اللبنانية على القوى العربية والدولية، دونما ربط هذه المصالح اللبنانية بحسابات داخلية ضيقة، أو بمآلات المفاوضات النووية الأمريكية الإيرانية، أو بالتجاذبات الإقليمية وسياسات المحاور".
وختم فوزي "دردشته" مع tayyar.org بالقول "إن فرص نجاح المبادرة المصرية سوف تكون مرهونة بمدى القدرة على تقديم حلول ومعالجات لمسألتين رئيسيتين وهما: تسليم سلاح حزب الله وانسحابه من جنوب نهر الليطاني، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني، والمؤكد أن البديل المطروح لهذا الحراك السياسي الذي انخرطت فيه القاهرة سوف يتمثل في تجدد الحرب في لبنان وربما في أكثر من جبهة إقليمية".