<
04 November 2025
إسرائيل تدفع قانون إعدام الأسرى... فهل يستهدف «قوات النخبة»؟

وافقت لجنة الأمن القومي في «الكنيست»، الاثنين، على المضي قدماً في مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين المتهمين بقتل إسرائيليين، وهو قانون أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأييده له، بعد استعادة جميع الرهائن الأحياء ومعظم الجثامين من قطاع غزة.

ويُلزم القانون القضاة الإسرائيليين بإنزال عقوبة الإعدام بحق كل فلسطيني تثبت مشاركته -بأي شكل- في قتل إسرائيليين، بدلاً من إصدار حكم المؤبد الذي عادة ما يواجه أي فلسطيني يدان بقتل إسرائيلي؛ سواء بنفسه أو بتحريض آخرين على التنفيذ، أو يدان بالتخطيط أو توجيه عملية القتل أو تقديم المساعدة فيها.

وإذا كان الفلسطيني محكوماً عليه بالمؤبد، فهذا يعني أنه مدان بقتل إسرائيلي واحد، وإذا كان محكوماً عليه بخمس مؤبدات -مثلاً- فهذا يعني أنه قتل 5 إسرائيليين؛ لكن النتيجة واحدة، وهي السجن مدى الحياة.

ويقف وراء مشروع قانون الإعدام وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي حاول دفع القانون مرات عدة قبل ذلك، ولكنه اصطدم في البداية -وكان ذلك قبل الحرب- بتحفظات من قِبل الحكومة وأجهزة الأمن الإسرائيلية؛ خشية دفع المنطقة إلى تصعيد. واصطدم بعد الحرب بطلبات تأجيل متكررة؛ خشية تعريض حياة المحتجَزين في غزة للخطر.

«واقع مختلف»

وقال غال هيرش، منسق الحكومة الإسرائيلية لشؤون الرهائن والمفقودين في «الكنيست»، إنه عارض مشروع القانون سابقاً؛ لكنه الآن يدعمه، مضيفاً: «بما أن الرهائن الأحياء موجودون هنا، فنحن في واقع مختلف».

وأكد هيرش دعم نتنياهو للقانون كذلك. ولكنه يتوقع أن يتضمن ذلك السماح للجهات المعنية -بما فيها جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وأجهزة استخبارات أخرى- بتقديم توصيات قبل صدور أي حكم بالإعدام، وهو مقترح رفضه بن غفير فوراً، قائلاً: «هذا لن يحدث»؛ مؤكداً أنه لن يسمح بأي سلطة تقديرية في هذا القانون؛ لأنه «بمجرد منح هذه السلطة التقديرية، يضعف تأثيره الرادع».

وتنص المذكرة التوضيحية لمشروع القانون، على أن أي «إرهابي» يُدان بارتكاب جريمة قتل «بسبب الكراهية العنصرية أو القومية، أو نية إيذاء دولة إسرائيل والشعب اليهودي، سيواجه حُكماً إلزامياً بالإعدام، ليس كخيار أو تقدير؛ بل كحكم إلزامي».

ويُفترض الآن أن يصل التشريع إلى قراءته الأولى في الجلسة العامة، يوم الأربعاء المقبل، ويحتاج إلى موافقة «الكنيست» بالقراءات الثلاث قبل أن يصبح نافذاً.

ووصف رئيس لجنة الأمن القومي في «الكنيست»، النائب تسفيكا فوغل، إقرار القانون، بأنه «لحظة تاريخية». وأضاف: «لن تكون هناك فنادق للإرهابيين، ولن تكون هناك صفقات إطلاق سراح».

ووصف بن غفير القانون بأنه «حلم»، وشكر نتنياهو على دعمه، ولكنه أبدى بعض التحفظات في تغريدة نشرها، كتب فيها: «لا ينبغي للمحكمة أن تتمتع بأي سلطة تقديرية، فكل إرهابي يُقدِم على القتل لا بد من أن يعلم أنه لن يُحكَم عليه إلا بالإعدام. حان وقت تحقيق العدالة».

وقالت النائبة ليمور سون هار ميلخ التي بادرت إلى اقتراح القانون: «هذا القانون اختبار أخلاقي لدولة إسرائيل».

ودعم كل أعضاء اللجنة مشروع القانون، ولكن العضو الوحيد الذي عارضه كان جلعاد كاريف -وهو عضو في حزب «العمل» اليساري- وقد وصف القانون بأنه «شعبوي ومتطرف، لن يؤدي إلى القضاء على الإرهاب القاتل؛ بل إلى تكثيفه».

واتهم كاريف رئيس الوزراء بدعم مشروع القانون «لإرضاء» بن غفير الذي عبَّر عن استيائه من صفقة إطلاق سراح الرهائن، ووقف إطلاق النار في غزة. وقال كاريف إن ذلك دليل على أن «الاعتبارات السياسية تفوق الاعتبارات الأمنية».

 

إدانة فلسطينية

أما الفلسطينيون فاعتبروا القانون وحشياً، ويمثل جريمة حرب مكتملة الأركان.

وأدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح القانون، وقال إنه تشريع «عنصري بامتياز، وجريمة حرب مكتملة الأركان، وجزء لا يتجزأ من مشروع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تتبناه حكومة الاحتلال».

وأضاف فتوح أن إدارة السجون الإسرائيلية تسعى إلى «إضفاء غطاء تشريعي على جرائم الإعدام خارج نطاق القانون، التي تتم بحق الأسرى داخل السجون». وأردف: «هذا التشريع يمثل سابقة خطيرة، ويدشن مرحلة جديدة من القتل المقنن».

 

وقالت حركة «حماس»، إن قانون إعدام الأسرى «تجسيد للوجه الفاشي القبيح للاحتلال المارق، وإمعان في انتهاك الاحتلال للقوانين الدولية، ولا سيما أحكام القانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الثالثة».

 

وحسب نادي الأسير الفلسطيني: «قتلت إسرائيل داخل السجون الإسرائيلية، منذ بداية الحرب وحتى بداية الشهر الحالي، 81 أسيراً. وهم -فقط- المعلن عنهم، إلى جانب عشرات من معتقلي غزة الذين تم إعدامهم وما زالوا رهن الإخفاء القسري».

 

وإذا مضى مشروع القانون حتى نهايته، فإنه سيستهدف بدايةً نحو 300 أسير فلسطيني من بين أكثر من 9 آلاف أسير، وهم عناصر «النخبة» في «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، والذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الهجوم على بلدات غلاف غزة، أو خلال الحرب على القطاع.

وإضافة إليهم، يوجد نحو مائة من أصحاب أحكام المؤبد الذين لم تشملهم صفقات التبادل حتى الآن، وظلوا في السجون.

 

وليس معروفاً إذا كان القانون سيسمح بإعادة محاكمة معتقلين حوكموا فعلاً.

 

«قوات النخبة»

ثمة مؤشرات بأن تبدأ إسرائيل في تنفيذ الأحكام بـ«قوات النخبة».

 

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن إسرائيل تحتجز ما بين 250 و300 من عناصر «النخبة» الذين شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر 2023.

 

وأكدت تقارير إسرائيلية، هذا الأسبوع، أن إسرائيل تعتزم تسريع محاكمة «قوات النخبة» بعدما وصلت التحقيقات معهم إلى مراحلها النهائية.

 

وتجري الهيئات المختصة في إسرائيل مشاورات من أجل إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة عناصر «النخبة». ويُفترض أيضاً تشكيل طاقم قضائي خاص، ولجنة توجيهية تُعنى بسياسة محاكمة هذه العناصر.

 

وتُطلق إسرائيل على مقاتلي «حماس» صفة «مقاتلين غير شرعيين»، وهو ما يتيح احتجازهم لفترة طويلة، ويجردهم بمقتضى القانون من حقوق المراجعة القضائية، والإجراءات القانونية، والمثول أمام محاكمة عادلة.

 

وطالب بن غفير صراحة بإعدام أسرى «النخبة»، وأكد مقربون من وزير العدل ياريف ليفين أنه يؤيد فرض عقوبة الإعدام على هؤلاء العناصر.

الشرق الأوسط