 
        القوة الإسرائيلية تتجاوز بكثير قدرات الدول العربية، لا لبنان فحسب. هذا مفهوم. وألا يملك لبنان الكثير من أوراق المواجهة العسكرية، مفهومٌ أيضاً. فلا أحد يطلب من الدولة اللبنانية، المستحيلة أصلاً، أن تحل مكان دول عربية كبرى سبق وأن سُحبت منها مقدراتها العسكرية والتسليحية. لكن ما هو غير مفهوم، أن ينام وزير الخارجية نوم أهل الكهف إزاء الإعتداءات الوقحة اليومية على المدنيين اللبنانيين، وما هو غير مفهوم أن تصمت الحكومة فلا تبادر، وأن تغيب التحركات الدبلوماسية الفعلية، وألا تتحول الحكومة كلها خلية نحل ضغطاً على المجتمع العربي والدولي والمنظمات الإنسانية الدولية.
اعتداء بليدا الذي أدى إلى استشهاد مواطن أعزل اختار التزام الواجب في مبنى بلديته، عرّى خمول الحكومة وتقاعسها. فلا عذرَ بعد اليوم لعدم المباشرة في خطة واضحة للأمن الوطني على ما تحدّثت في بيانها الوزاري، ولا مبرر لإشاحة الوجه عن حوار وطني جدي، يؤدي إلى ورقة لبنانية حقيقية، تتقاطع مع المساعي الدولية والعربية للتهدئة وتجنب الأسوأ.
وإلى هذا الإعتداء واصلت إسرائيل غاراتها التي طالت اللبونة والجرمق والخردلي والمحمودية. وقد أدى الإعتداء إلى ردة فعل شعبية غاضبة من أهالي البلدة تجاه دورية لليونيفيل، ومن جهتها طلبت قيادة الجيش من "لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية وضع حد لانتهاكات العدو الإسرائيلي المتمادية.
بالتوازي، أتى موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالطلب من الجيش التصدي للتوغلات الإسرائيلية، ليضع إشارة دعمٍ للموقف الرسمي اللبناني، على الرغم من عدم التكافؤ المعروف في موازين القوى. وقد لقي موقف الرئيس دعماً من قوى سياسية عدة. فالتيار الوطني الحر حمّل الحكومة في بيانٍ له مسؤولية اتباع سياسة "مكانك راوح" في ملف استراتيجية الأمن الوطني وحصر السلاح بيد الجيش وتسليحه، وأكَّد دعمه للجيش اللبناني وتكريس دوره الدفاعي مثنياً على طلب رئيس الجمهورية التصدي للإعتداءات.
ومن جهتها ثمنت كتلة الوفاء للمقاومة موقف رئيس الجمهورية في طلبه من الجيش التصدي، وفي المواقف من السجالات حول قانون الإنتخاب، رحبت الكتلة كذلك بموقف الرئيس عون إزاء ما رآت فيه "تعطيل البعض لجلسات المجلس النيابي"، مهيبة بـ"كل المسؤولين ان يتعاطوا بأعلى درجات المسؤولية والحس الوطني مع وجوب إجراء الانتخابات في موعدها.
على خط مواز عقدت اللجنة المشتركة من وزارتي الداخلية والخارجية اجتماعها الاول بحضور الوزيرين أحمد الحجار ويوسف رجي، وذلك لدراسة تطبيق دقائق أحكام الفصل الحادي عشر من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب، المتعلق باقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الاراضي اللبنانية.