أثار حادث الإفراج بالخطأ عن مهاجر إثيوبي متهم بالاعتداء الجنسي من أحد السجون البريطانية موجة غضب واسعة في البلاد، بعدما تبيّن أنّ سلطات السجن أطلقت سراحه بدلاً من نقله إلى مركز احتجاز المهاجرين، تمهيدًا لترحيله.
وأكدت وزارة الداخلية البريطانية، أمس الثلاثاء، أن هادوش كيباتو قد تم ترحيله فعلاً إلى إثيوبيا، في خطوة وصفتها وزيرة الداخلية بأنها تهدف إلى "تصحيح خطأ فادح لا يجب أن يتكرر".
الإفراج بالخطأ ثم حملة مطاردة
ووقع الحادث صباح الجمعة الماضية في "سجن تشيلمسفورد" بمقاطعة إسيكس شرق إنجلترا، عندما تم الإفراج عن كيباتو، البالغ من العمر 36 عاماً، "عن طريق الخطأ" بدلاً من نقله إلى مركز احتجاز المهاجرين كما كان مخططاً، حسب وكالة الأنباء البريطانية "بي.أيه. ميديا".
وكان كيباتو يقيم في فندق بيل في مدينة إيبينغ بوقت وقوع الجريمة، حيث اعتدى جنسياً على فتاة تبلغ 14 عاماً وامرأة بالغة في حادثين منفصلين، قبل أن يتم القبض عليه وإدانته لاحقاً.
وبعد اكتشاف الخطأ، أطلقت الشرطة البريطانية عملية بحث مكثفة استمرت يومين شملت لندن وضواحيها، وانتهت صباح الأحد بإلقاء القبض عليه في العاصمة بعد بلاغات من مواطنين تعرفوا عليه في الشارع.
ترحيل عاجل وتصريحات حكومية غاضبة
وأكدت وزارة الداخلية البريطانية أن كيباتو تم ترحيله مساء الثلاثاء على متن طائرة متجهة إلى أديس أبابا، ووصل بالفعل صباح الأربعاء، مشيرة إلى أنه لن يُسمح له بالعودة إلى المملكة المتحدة مطلقاً.
وقالت وزيرة الداخلية شبانة محمود في بيان رسمي: "الخطأ الفادح الذي حدث الأسبوع الماضي لا يمكن تبريره، وأنا أشارك الشعب البريطاني غضبه الكامل. لقد كان هذا الإخفاق غير مقبول على الإطلاق، وأشكر الشرطة على سرعة التحرك والقبض عليه، وأشكر المواطنين الذين ساعدوا في تحديد مكانه".
كما أضافت أن تحقيقاً داخلياً شاملاً فُتح لمعرفة كيفية وقوع الخطأ، مشددة على أن "سلامة الجمهور تأتي أولاً، وأن النظام يجب أن يعمل بدقة لا تحتمل الأخطاء في مثل هذه القضايا".
ضغوط سياسية وانتقادات للداخلية
فيما أعاد الحادث إلى الواجهة الانتقادات الموجهة لوزارة الداخلية، بسبب ما يعتبره مراقبون "ارتباكاً متكرراً في التعامل مع قضايا المهاجرين واللاجئين".
إذ تعرضت محمود، التي تولت منصبها قبل أشهر، لضغوط من المعارضة التي طالبتها بتوضيح الإجراءات الأمنية داخل السجون ومراكز الترحيل، وكيف أمكن لسجين مدان بجرائم جنسية أن يُفرج عنه بهذه السهولة.
وقالت النائبة عن حزب المحافظين سوزان إليس إن الواقعة "تطرح تساؤلات جدية حول مستوى التنسيق بين وزارة الداخلية وإدارة السجون"، مشيرة إلى أن "الثقة العامة في النظام الجنائي تتضرر كلما حدثت مثل هذه الأخطاء".
من جهتها، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"–فرع المملكة المتحدة، إلى ضرورة التوازن بين أمن المجتمع وحقوق الأفراد المرحّلين، مطالبةً الحكومة "بضمان ألا تؤدي سياسات الترحيل السريعة إلى تجاهل الضمانات القانونية الأساسية".
رأي عام غاضب وتداعيات سياسية
وأسفرت الأزمة عن تفاعل واسع على وسائل الإعلام ومنصات التواصل، حيث عبّر كثير من البريطانيين عن غضبهم من تقصير السلطات، معتبرين أن الواقعة "تكشف خللاً مؤسسياً خطيراً".
في المقابل، اعتبر بعض المعلقين أن الترحيل السريع للمتهم بعد القبض عليه كان خطوة ضرورية لاستعادة الثقة، في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات سياسية متصاعدة بشأن ملف الهجرة والجرائم الجنسية.
هذا ويُتوقع أن يعرض وزير العدل البريطاني تقريراً مفصلاً أمام البرلمان خلال الأيام المقبلة حول تفاصيل الحادث وأسباب وقوعه والإجراءات التي ستُتخذ لمنع تكراره، وسط مطالبات بإصلاح نظام إدارة السجون والاحتجاز.