<
22 October 2025
إنذار أميركي جدي عبر براك!

كتب عمر البردان في" اللواء": من خلال الرسالة التحذيرية التي بعثت بها الولايات المتحدة الأميركية عبر موفدها إلى سورية ولبنان توم براك، إلى بيروت، فإن الأمور تبدو بكثير من الوضوح أنها سائرة نحو التصعيد المفتوح على كل الاحتمالات.

 

وتشير المعلومات، إلى أن الولايات المتحدة أبلغت عدداً من المسؤولين اللبنانيين أنها لا يمكن أن تقبل ببقاء الوضع على ما هو عليه . فكما أنها تصر على نزع سلاح "حماس"، فإنها في الوقت نفسه مصرة على ضرورة نجاح الجيش اللبناني في خطة حصرية السلاح التي أقرها مجلس الوزراء. وهي لهذه الغاية مستعدة لأن تقدم للبنان كل الدعم الذي يحتاجه من أجل هذا الغرض ، في حين يحاول لبنان استثمار الدعم العربي والدولي الذي يحظى به العهد وحكومته، في ترسيخ دعائم دولة المؤسسات، من خلال تطبيق قرارات مجلس الوزراء في ما يتعلق بحصرية السلاح . و يستدل من فحوى الرسالة الأميركية التي أفصح عنها براك، إنما تمثل دعوة عاجلة لبيروت من أجل حث الخطى أكثر فأكثر، باتجاه الإسراع في استكمال تنفيذ خطة الجيش، بعد سقوط خيار التفاوض مع إسرائيل، على ما كشف عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبانتظار مجيء السفير الأميركي المعين ميشال عيسى إلى بيروت، فقد أشارت المعلومات إلى أن إدارة الرئيس ترامب باتت تملك تصوراً وإن أولياً لمسار التوجه الذي يفترض أن تسلكه المفاوضات المرتقبة بين لبنان وإسرائيل في مرحلة لاحقة، على أن تتركز الجهود حالياً على التخفيف من حدة التوتر الأمني على

 

الإسرائيلي على لبنان، في ظل استباحة الأجواء اللبنانية من قبل المسيرات المعادية . لكن رغم هذه الأجواء الضبابية، فإن المعلومات أشارت إلى أن واشنطن تعمل مع لبنان وإسرائيل على المضي في سياسة التهدئة ، تزامناً مع تفعيل عمل لجنة "الميكانيزم"، في ظل الدعم الأميركي والدولي لخطة الجيش اللبناني بشأن حصرية السلاح . وهو أمر في غاية الأهمية برأي الأميركيين الذين يعولون على الجيش اللبناني من أجل بسط السلطة اللبنانية على كامل أراضيها .

 

وكتبت دوللي بشعلاني في" الديار": أثارت تصريحات المبعوث الأميركي توم بارّاك الأخيرة، جدلاً واسعاً على الساحة الداخلية لما تضمّنته من تهديدات وتحذيرات للبنان في هذا التوقيت بالذات. حتى الآن، لم تصدر أي بيانات أو تعليقات رسمية على كلام بارّك، الذي يعكس وجهة نظر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

تقول مصادر سياسية مقرّبة من قصر بعبدا بأنّ سياسة الرئيس عون واضحة، وتؤكد أنّ أي قرارات تتعلّق بالسلاح يجب أن تُتخذ داخلياً، ضمن إطار السيادة والحوار الوطني. لهذا تتوقّع المصادر أن يكون موقفه حذراً تجاه تصريحات بارّاك، مع رفض ضمني لأي تهديدات تؤدي إلى فرض أجندة خارجية بالقوة، مع التركيز على الحوار الوطني لمعالجة ملف السلاح. علماً بأنّ عون مع التفاوض برعاية أممية وأميركية، للتوصّل إلى اتفاق على الحدود البريّة على غرار ما حصل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية. ويرى بأنّ الجيش اللبناني يؤدّي دوره على أكمل وجه، ويُنفّذ ما جرى الاتفاق عليه في مجلس الوزراء في 5 و 7 آب الماضي، ويُواصل عمله في تفكيك السلاح غير الشرعي في لبنان.

وثمّة التزام جدّي بما ورد في خطاب القسم عن احتكار السلاح بيد الدولة اللبنانية، تضيف المصادر، لكن لبنان يرفض أن يجري ربط أمنه واستقراره بالمطالب الأميركية أو بتهديدات خارجية. كذلك يُمكن للبنان أن يسعى إلى الإستقرار الإقليمي مع سوريا وجيرانه، ولكنه غير موافق على فرض جدول لنزع سلاح الحزب، أو تهديد الدولة بمواجهة عسكرية، سيما وأنّها تلتزم ببنود اتفاق وقف النار وتنفّذها على مراحل، في الوقت الذي لم تقم فيه "إسرائيل" بأي خطوة مقابل خطوات لبنان. وفي قراءة لكلام بارّاك الأخير، تجد فيه مصادر حكومية بأنّ الحكومة اللبنانية، ممثلة برئيسها نوّاف سلام، تؤكد على ضرورة احترام مبدأ "سلاح الدولة"، وتجنب أي خطوات آحادية قد تزعزع الاستقرار الداخلي. وقد حصل اللقاء بين عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وسلام، وجرت مناقشة موضوع التفاوض مع "إسرائيل" الذي ترفضه هذه الأخيرة. ومن المرجح أن تتعامل الحكومة بحذر، عبر مشاورات داخلية وطرق ديبلوماسية للتعامل مع الضغط الأميركي.

ومن الناحية الديبلوماسية أيضاً، تجد الخارجية بحسب أوساط ديبلوماسية، بأنّ كلام بارّاك هو محاولة للضغط على لبنان يُمكنه تحويلها إلى "فرصة"، غير أنّها تؤكد بأنّ موقفها هو موقف الحكومة، ولا يُمكن أن يختلف عنه كونها جزءا منها. كما أنّه عليها توضيح الموقف الرسمي اللبناني في هذا السياق على الصعيد الدولي، والتأكيد على السيادة اللبنانية، وهو الذي صدر في قراري مجلس الوزراء عن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية في آب المنصرم... مع التركيز على أنّ الحوار الوطني والمفاوضات الديبلوماسية هي الطريق الوحيد، لمعالجة ملف حزب الله دون تهديد الأمن الداخلي. وثمّة سيناريوهات عديدة تتوقّعها مصادر المقرّات الرسمية بعد كلام بارّاك الأخير، أبرزها: إستجابة جزئية للضغط الأميركي، أو تجاهله، أو اعتماد حلّ وسط متدرّج لتفادي أي تصعيد. وتبقى المرحلة المقبلة مرتبطة بقدرة لبنان على التوازن بين الضغوطات الخارجية، والحفاظ على الإستقرار الداخلي، وإبعاد أي حرب محتملة.

الجمهورية

وكتب عماد مرمل في" الجمهورية":اتخذ نص برّاك الطويل شكل مضبطة اتهامية أو «قرار ظني» في حق الدولة اللبنانية، وتعتبر أوساط دققت في مطالعة برّاك، انّها افتقرت إلى حدّ أدنى من التوازن، ووضعت الحق والضغط كله على لبنان حصراً. وليس خافياً أنّ السياسة الأميركية حيال لبنان لا تنطلق من المنطق أو الحقوق، وإنما ترتكز على ميزان القوى وفائض القوة اللذين تفترض الإدارة الأميركية أنّهما يمنحانها لتل أبيب. واللافت، أنّ تحذيرات برّاك وصلت إلى المسؤولين على إيقاع أزيز المسيّرات الإسرائيلية التي حلّقت بكثافة وعلى علو منخفض جداً فوق بيروت والضاحية ومناطق أخرى، بوتيرة وُصفت بأنّها الأعلى منذ وقف إطلاق النار. وكان لافتاً أنّ برّاك أكّد أنّ اتفاق إنهاء الأعمال العدائية الذي تمّ التوصل إليه برعاية إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد فشل، ما يوحي بأنّ إدارة ترامب باتت متحرّرة منه. ولم يتوقف برّاك عند هذه الحدود، إذ إنّه كذلك تقمّص دور «الخبير الانتخابي» الذي عرض التحدّيات أمام الانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2026، ولم يكن ينقص سوى أن يطرح حلاً لإشكالية تصويت المغتربين. وتوقع برّاك أن يفرض «حزب الله» تأجيل الانتخابات في حال وقوع حرب جديدة عليه، حتى يعيد تنظيم صفوفه ويتفادى إضعاف مكانته، منبّهاً إلى محاذير التأجيل وتداعياته على الواقع اللبناني. لكن ما فات الموفد الأميركي، أنّ أي تمديد للمجلس النيابي يحتاج أصلاً إلى أكثرية نيابية ولا يستطيع طرف واحد أن يفرضه. ثم أنّ القريبين من «الحزب» يؤكّدون أنّه لا يخشى هذا الاستحقاق، وإنما ينتظره لإثبات حجم شعبيته في صناديق الاقتراع، وهو واثق من أنّ أي عدوان من شأنه أن يزيد الالتفاف حوله داخل بيئته وليس العكس، كما حصل عقب الحرب الأخيرة التي أدّت إلى زيادة الدعم له في الوسط الشيعي بعدما استشعر بتهديد وجودي، إلى درجة أنّ البيئة الحاضنة سبقت قيادة الحزب في التمسك بسلاح المقاومة رداً على قرار سحبه، خصوصاً في ظل عجز الدولة عن تأمين البديل.