هي متوقعة لا شك، ممّن اعتلمَ أهدافها ومطلقيها ومنفذيها، منذ البداية، بعيداً من النيات الطيبة لشرائح ممن اعتصم وتظاهر. لكن هذه النهاية لما وصفوها زوراً ب"ثورة"، كانت سوريالية بحقيقتها. ففي الذكرى السادسة ل"17 تشرين"، رياض سلامة يُطلَق بكفالة خيالية، ولا من يهتز ولا من يسأَل. رمز المنظومة المصرفية – السياسية التي سرقت اللبنانيين، حراً طليقاً!
و"الثائرون"، والمعتصمون، والراقصون والراقصات، ومموليهم، ووسائل الإعلام التي فتحت شاشاتها للإستهداف والتشويه، فتصمت صمتَ القبور. حتى بضعة أفراد للتظاهر في وقفة رمزية تجاه إخراج سلامة، عجزَ المجتمع اللبناني عن توفيرهم. فعن أي "ثورة" و"انتفاضة" تحدث هؤلاء؟ وأي شعارات كانت ساقطة منذ البداية؟ وأي خدعة انزلقوا إليها وحملوها؟؟
أما الإصلاح وإعادة هيكلة المصارف، وتغيير السلطة، وسواها من الشعارات البراقة، فقد تلاشت أمام التلاعب ورسوخ قوى منظومة 1992، فيما سقطت الأقنعة تدريجياً عما قيل إنه "استقلالية" بعد المشاركة الحثيثة للأحزاب في التمويل وقطع الطرق ونصب "الخيم"...
وحده ميشال عون، تبين أنَّه الثائر الحقيقي وسط مجموعة الدجّالين والكذَبة. لاقاهم في منتصف الطريق، فرضوا وأطلقوا لصراخِهم العنان. استهدفوه دون غيره، لكنه غرز التدقيق الجنائي مسماراً في نعش منظومة النهب. أظهروا تبعيتهم للخارج، فكان المحافظ على الحقوق الوطنية في ثروة الغاز والنفط للأجيال المقبلة.
ومهما كان من أمر سردياتهم والتشويه الإعلامي، فإن حقيقة هذا الرجل، والحالة الشعبية المؤيدة له، ستبقيان شاهدتين على الغوغائية والعشوائية والتبعية والفوضوية.
وفي 17 تشرين الأول 2025، كان لبنان في وضع مختلف. فمرحلة ما بعد شرم الشيخ، جعلت من آفاق التفاوض مع إسرائيل وسيناريوهاته، الشغل الشاغل لرؤساء السلطات الدستورية. وقد كان الجمعة محور زيارتين لرئيس الحكومة ونواف سلام إلى بعبدا وعين التينة حيث بحث الملف مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وتأتي الخطوات الرسمية على أثر تصعيدٍ إسرائيلي كبير ليل أمس على الجنوب وخاصة في قضاء النبطية، حيث ألقيت صواريخ على آليات هندسية بين بلدات أنصار والزرارية وسيناء، ما جعل دوي الإنفجارات يُسمع في أرجاء أقضية الجنوب.