<
15 October 2025
غزة بعد الاتفاق.. اختبار صعب لإدارة الواقع والتحديات

دخل اتفاق غزة مرحلته الثانية وسط تساؤلات كثيرة حول إدارة القطاع ومستقبل التهدئة، بعد أن أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشكوك حول دور توني بلير، وألمح إلى إمكانية تعديل مجلس السلم، إلى جانب ملف نزع سلاح حركة حماس وتسليم الجثامين المتبقية.

على الأرض، تواصل حماس بحملاتها الأمنية، التي شملت إعدامات ضد من وصفتهم بالتعاون مع إسرائيل، ما يزيد من الغضب الداخلي الفلسطيني تجاه الحركة، في حين تتعامل إسرائيل مع المعابر بصرامة، محدودة دخول المساعدات في انتظار استكمال المرحلة الثانية.

توم حرب، مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، وصف الاتفاق، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، بأنه يتضمن مراحل رئيسية، بدأت بإطلاق سراح الرهائن، ثم تسليم حماس لسلاحها تحت إشراف فلسطيني وعربي، مع احتمالية تدخل قوات دولية.

وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب تدريبات لعناصر غزاوية ومن السلطة الفلسطينية لضمان انتقال آمن للسلطة، مشيرا إلى أن المرحلة الثانية لن تتحقق إلا بوجود خطة واضحة لإدارة الأمن، بعيدًا عن التدخل العسكري المباشر لحماس.

وأكد حرب أن ترامب وضع الدول العربية أمام مسؤولية إدارة غزة ضمن إطار الاعتدال الإسلامي في المنطقة، مع التركيز على إحباط تأثير إيران وحزب الله، وضمان دور استراتيجي لدول الخليج، في الإشراف على إعادة الإعمار والأمن.

 

التحديات الأمنية والفراغ الإداري

من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، حسام الدجني، إلى أن الفلسطينيين يرفضون التعاون العسكري مع الاحتلال تحت أي ظرف، مع التأكيد على ضرورة أن يكون أي إعدام أو عقوبة ضمن إطار القانون والمحاكم الرسمية، وليس وفق الأهواء الفردية.

وقال: "نحن كمجتمع مدني لا يمكن أن نعطي شرعية لأي إعدام خارج القانون. يجب أن تكون هناك لجنة قانونية للتأكد من الالتزام بالعدالة".

وشدد الدجني على أن الواقع الأمني في غزة بالغ التعقيد، وأن أي فراغ إداري أو أمني قد يؤدي إلى تفاقم الوضع، مؤكداً ضرورة وجود لجنة من التكنوقراط والإطار الفلسطيني الجديد للإشراف على عملية التسليم والمرحلة الانتقالية.

وأضاف أن المرحلة تتطلب إدارة متكاملة تشمل الأمن والإدارة المدنية والاستثمار، لضمان أن يكون الانتقال سلسًا وأن يتم الالتزام بتطبيق القانون.

الموقف الرسمي الفلسطيني والتدريبات

بدوره، الدبلوماسي السابق زياد المجالي ركز على 3 حالات لحماس: العسكرية والسياسية والثقافية.

وأوضح أن المرحلة الأولى من الاتفاق انتهت بنجاح، مع تسليم الرهائن ووقف العمليات العسكرية، وأن المرحلة الثانية تتعلق بتسليم السلاح، مع ضمان أن يكون البديل مؤهلًا لضبط الأمن في غزة.

وقال المجالي: "لن يكون لحماس دور عسكري في المرحلة المقبلة، بينما ستشارك السلطة الوطنية الفلسطينية وعناصر فلسطينية مدربة في مصر والأردن لضمان الأمن، مع إمكانية وجود مراقبين دوليين".

وأشار المجالي إلى أهمية تكامل ثلاثية الإدارة المدنية، الأمن والاستثمار، بما يشمل إعادة الإعمار وجذب المشاريع الدولية، مؤكداً أن أي حادث فردي من شأنه الإضرار بالآمال الكبيرة لتحقيق سلام شامل في غزة والمنطقة.

 

العقبات على الأرض

المرحلة الثانية من الاتفاق تواجه تحديات كبيرة، على المستوى الأمني، هناك أعمال انتقامية من حماس ضد عناصر وصفتهم بالتعاون مع إسرائيل، ما يثير مخاوف من استمرار الفوضى.

وفي الوقت ذاته، يشدد المجتمع الدولي على ضرورة تسليم السلاح وفق آليات واضحة، مع ضمانات للجانب الفلسطيني لعدم استغلال العملية ضد السكان المدنيين.

إداريًا، يبرز الفراغ الحكومي بعد انسحاب حماس جزئيًا من المشهد، مع بقاء آلاف الموظفين المدنيين، ما يستدعي إشرافًا مؤقتًا من لجنة فلسطينية وعربية، لضمان استمرار الخدمات الأساسية والتدريب على إدارة الأمن.

كما أن دخول المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية يظل مرتبطًا بالتزام إسرائيل، ما يجعل التحدي مزدوجا بين مراقبة الالتزام وتطبيق الاتفاق على الأرض.

قراءة سياسية واستراتيجية

يؤكد المحللون على أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة ليست مجرد مسألة أمنية أو عسكرية، بل تتعلق بإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين، وإسرائيل، وضمان تطبيق القانون الدولي.

وحذر حرب من أن أي تأخير في تشكيل القوى المدربة، أو أي تجاوزات من حماس، قد تؤدي إلى أزمة جديدة.

وفي المقابل، يرى الدجني أن شعب غزة يطمح إلى حياة طبيعية واستقرار، وأن إدارة المرحلة الانتقالية يجب أن تركز على إعادة بناء المدارس والجامعات والبنية التحتية، وتطوير التعليم والثقافة، بعيدا عن برامج التطرف، مؤكداً أن المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى بيئة مستقرة لتثبيت الحقوق الوطنية.

 

الاتفاق بين ترامب والدول العربية

المرحلة الثانية تأتي بعد سلسلة من التحركات الدبلوماسية برعاية الولايات المتحدة، بما يشمل لقاءات في شرم الشيخ، واتفاقيات مع قطر، والإشراف الخليجي على مشاريع إعادة الإعمار.

وأكد حرب على أن ترامب ركز على "دفن الإسلام السياسي" الذي كان يغذي الحركات المتطرفة، وتعزيز الاعتدال الإسلامي في المنطقة، لضمان نجاح المرحلة الثانية وإعادة الاستقرار إلى غزة.

حتى اللحظة، تم تسليم عدد من الجثامين، فيما تستكمل عمليات التسليم على عدة أيام، كجزء من اتفاق المرحلة الأولى والثانية.

 

وأوضح المجالي أن حماس قبلت بتسليم السلاح، لكنها انتظرت وجود قوة بديلة لضبط الأمن، وهو ما تم الاتفاق عليه ضمن خطة الـ20 نقطة.

 

وأكد على أن أي تجاوزات فردية من شأنها تقويض الثقة بين الأطراف، ولهذا فإن مراقبة المجتمع الدولي ضرورة حيوية لضمان التنفيذ الأمين.

 

آفاق المرحلة الثانية

 

يشير التحليل الاستراتيجي إلى أن المرحلة الثانية قد تمثل بداية لتطبيق نموذج متكامل لإدارة غزة، يشمل الأمن، الإدارة المدنية، والاستثمار، مع إشراف فلسطيني وعربي ودولي.

 

ويمثل الاتفاق فرصة لإعادة إعمار القطاع، وإنشاء مؤسسات تعليمية وصحية، وضمان تدريب القوى الجديدة، بما يفتح الباب أمام استقرار طويل الأمد، وتحقيق الحقوق الفلسطينية ضمن أفق سياسي شامل.

 

وفي الختام، يشدد المحللون على أن نجاح المرحلة الثانية يعتمد على ثلاثة عناصر: الالتزام بتسليم السلاح وفق الآليات المتفق عليها، إشراف المؤسسات الفلسطينية والعربية، واستمرار الدعم الدولي لضمان الأمن والاستقرار، مع التركيز على بناء المؤسسات المدنية والتعليمية لتأمين مستقبل أفضل للشعب الغزاوي.

Skynews