<
13 October 2025
كاليفورنيا أول ولاية تحظر "الأغذية فائقة المعالجة" بالمدارس

كاليفورنيا أول ولاية تحظر "الأغذية فائقة المعالجة" بالمدارس

\

في خطوة غير مسبوقة بالولايات المتحدة، أقرّت ولاية كاليفورنيا أول قانون في البلاد يعرّف ويحظر الأغذية فائقة المعالجة (Ultraprocessed Foods) في المدارس العامة، مستهدفةً تغيير ما يتناوله ملايين الأطفال يوميًا ضمن برامج التغذية المدرسية.

ويحمل القانون الجديد اسم "قانون الغذاء الحقيقي للأطفال الأصحاء" (Real Food, Healthy Kids Act)، ووقّعه حاكم الولاية غافين نيوسوم يوم الأربعاء، بعد أن أقرّه البرلمان المحلي في منتصف سبتمبر الماضي، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الأميركية.

ومن المنتظر أن يُطبق القانون تدريجيًا ابتداءً من العام الدراسي 2025–2026، إذ تُقدَّر الوجبات التي تُقدَّم في مدارس كاليفورنيا بأكثر من مليار وجبة سنويًا.

تعريف رسمي للأغذية فائقة المعالجة

تُعدّ هذه الخطوة الأولى من نوعها على مستوى الولايات المتحدة، إذ لا توجد حتى الآن تعريفات قانونية واضحة للأغذية فائقة المعالجة في معظم دول العالم.

وينص القانون على أن هذه الفئة تشمل المنتجات التي تحتوي على سكريات مضافة أو دهون مشبعة أو ملح بكميات عالية، إلى جانب المُحليات الصناعية والمستحلبات والمثبتات ومحسّنات النكهة والأصباغ الصناعية وغيرها من الإضافات الكيميائية.

وبموجب التشريع، يتعين على السلطات الصحية والعلماء تحديد المنتجات الأكثر ضررًا على صحة الأطفال، تمهيدًا لاستبعادها تدريجيًا من قوائم الوجبات المدرسية خلال السنوات المقبلة.

كما يُتيح القانون حظر أي منتج يحتوي على مواد مضافة محظورة أو مقيّدة في الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، في خطوة تهدف لمواءمة معايير التغذية المدرسية مع أرفع المعايير الصحية العالمية.

أزمة تغذية وطنية

تشير بيانات مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) إلى أن نحو ثلثي السعرات الحرارية التي يستهلكها الأطفال الأميركيون يوميًا تأتي من أطعمة فائقة المعالجة غنية بالسكريات والدهون والملح. ويرتبط هذا النمط الغذائي المتدهور بارتفاع معدلات السمنة وأمراض القلب والسكري والكبد الدهني في صفوف الأطفال والمراهقين.

وفي المقابل، ترى ولاية كاليفورنيا نفسها في طليعة الجهود الرامية إلى إصلاح النظام الغذائي الوطني، في وقت لا تزال فيه الحكومة الفيدرالية تناقش توصيات نظرية ضمن ما يُعرف بـ"حركة جعل أميركا أكثر صحة".

 

وقال النائب الديمقراطي جيسي غابرييل، الذي قدّم مشروع القانون: "بينما ينشغل السياسيون في واشنطن بإصدار التقارير، نحن في كاليفورنيا نتخذ إجراءات حقيقية لحماية صحة أطفالنا".

مقاومة شرسة

وواجه القانون معارضة قوية من جماعات الضغط في صناعة الأغذية، بحسب منظمة العمل البيئي (EWG) التي شاركت في رعايته.

 

وقالت برناديت دل كيارو، نائبة رئيس المنظمة في كاليفورنيا، إن تمرير القانون تطلّب "اجتياز عدد كبير من اللجان التشريعية وسط ضغط كثيف من شركات الأغذية والمشروبات"، مؤكدة أن الدعم الشعبي والبرلماني الواسع حسم المعركة في النهاية.

وجاء التصويت شبه إجماعي، إذ صوّت 119 نائبًا وسيناتورًا لصالح القانون مقابل صوتٍ واحدٍ معارض فقط من سان دييغو.

 

رغم ذلك، لن يُطبَّق الحظر بشكل فوري؛ فبحسب نص القانون، سيُطلب من مورّدي الأغذية للمدارس تقديم قوائم كاملة بمنتجاتهم المصنّفة كفائقة المعالجة بحلول فبراير 2028، على أن يتم إخراج جميع الأصناف الضارة من النظام الغذائي المدرسي بحلول يوليو 2035.

 

ويقرّ معدّو القانون بأن القضاء الكامل على الأطعمة فائقة المعالجة غير ممكن، نظرًا لحاجات التخزين والنقل والسلامة، لكنهم يهدفون إلى استبعاد الأنواع الأكثر خطرًا، مثل تلك المرتبطة بالإدمان الغذائي أو السرطان أو أمراض الكبد والسكري.

نموذج لمستقبل وطني؟

ويرى خبراء التغذية أن خطوة ولاية كاليفورنيا قد تشكّل نقطة تحول وطنية في معركة الولايات الأميركية ضد تفشي الأغذية الصناعية الرديئة. لكنّ مراقبين حذّروا من أن الكونغرس الفيدرالي قد يحاول تعطيل التشريع أو استباقه بتشريعات أضعف بضغط من جماعات الصناعة الغذائية.

 

وقالت دل كيارو: "نأمل أن يدرك المشرعون في واشنطن أننا جميعًا في فريق واحد – فريق الصحة العامة والأطفال".

 

وبينما تستعد كاليفورنيا لتطبيق قانونها الطموح، يتابع خبراء الصحة العامة التجربة عن كثب، باعتبارها أول اختبار عملي لكيفية تقليص الاعتماد على الأغذية فائقة المعالجة في نظام تغذية الأطفال، وربما خطوة أولى نحو إعادة تشكيل علاقة الأميركيين بالطعام نفسه.

العربية