<
13 October 2025
الأخبار: استفتاء على شعبيّة الحزب «المستقبلية»

حشدُ 74 ألفاً و475 كشفياً في التجمّع المهيب الذي نظّمته كشافة الإمام المهدي، أمس، في مدينة كميل شمعون الرياضية، هو استفتاء لشعبية حزب الله، واستعراض لما يحافظ عليه من قدرات في التنظيم، وإقرار واضح بأنّ «أجيال السيد»، مستمرّون على العهد.

 

الأخبار: زينب حمود-

أن تنجح كشافة الإمام المهدي وحدها في حشد 74 ألفاً و475 كشفياً في مدينة كميل شمعون الرياضية، في بلد صغير كلبنان، وفي تنظيم دخول فئات عمرية صغيرة وخروجها بسلاسة، وتأدية عرض مهيب بدقّة عالية، لم تشهد مثله جمعيات كشفية في العالم، أمر يستحقّ التوقف عنده وقراءة دلالاته.

 

فالحدث يتجاوز كونه «ولادة جديدة للجمعية»، وفق معاون رئيسها محمد سعد، إلى استفتاء «مستقبلي» على شعبية حزب الله، واستعراض لقدراته، وإقرار واضح لا لبس فيه، لكل من لا يريدون التصديق، بأنّ «أجيال السيد»، مستمرّون على العهد وماضون في النهج والخطّ ذاته. توقّعت الجمعية أن يحتل الحدث المرتبة الأولى لأضخم تجمّع كشفي في العالم، من خلال أعداد الكشفيين الذين سجّلوا أسماءهم على المنصة الإلكترونية للجمعية، والذين تجاوزوا قبل يوم من تنظيمه 60 ألف كشفي.

 

غير أنّ الرقم القياسي للمشاركين من مختلف المناطق اللبنانية رغم الظروف الأمنية الدقيقة «فاجأنا جميعاً»، يقول سعد، وجاء خارج توقّعات المنظّمين أنفسهم، «الأمر الذي تطلّب تدخلاً سريعاً وتخصيص بلوكات إضافية لأبناء المناطق الذين تدفّقوا إلى بيروت»، على نفقة عائلاتهم التي تكفّلت بتأمين الثوب الكشفي وبدل النقل إلى المدينة الرياضية.

 

ولم يكن سهلاً على الجمعية التعامل مع هذا الرقم القياسي، خصوصاً أنه يضم كشفيين صغاراً في السن، «ما استدعى جهداً مضاعفاً لشرح التعليمات والتوضيح والتوعية وغيرها، ودقّة عالية من قِبل المنظّمين لضمان التزام جميع المشاركين بالتوجيهات». مع ذلك، نجحت الجمعية نجاحاً باهراً في تنظيم هذا الحدث، «نظراً إلى شدّة دقّته وتنظيمه»، وفق رئيس اتحاد كشاف لبنان وسيم الزين، إذ «شعرت وكأنّي أشاهد عرضاً كشفياً في الصين».

 

الرقم القياسي للمشاركين فاجأ الجمعية نفسها، وجاء تحدّياً للظروف الأمنية الدقيقة


لتنظيم الدخول إلى الملعب، قُسّمت مداخل المدينة الرياضية إلى 6 أقسام، أحدها لاستقبال الضيوف في المنصة الرئيسية فيما خُصّصت المداخل الخمسة الأخرى للمفوّضيات الخمسة (جبل عامل الأولى جنوب الليطاني، جبل عامل الثانية شمال النهر، بيروت، البقاع، الشمال وجبل لبنان). وخُصّصت لكل قسم بوابات ومُدرّجات خاصة تستوعب الأعداد المتوقّع حضورها. ورُسمت مسارات تسلكها كل مجموعة، ونُشرت في أرجاء الملعب إشارات تيسيرية، كما توزّع العناصر على البوابات وفي الداخل للاستقبال ومرافقة المجموعات الوافدة.

 

وهكذا كان الخروج منظّماً أيضاً ضمن مسارات خاصة أمّنت سلاسة حركة المشاركين وعدم حصول ازدحام عند البوابات. وشمل تنظيم الحركة كذلك تخصيص مواقف للباصات لكل مجموعة، ومسارات تؤمّن خروجها من بيروت من دون التسبب بزحمة سير على الطرقات.

 

في الداخل، قُسّم المشاركون بحسب مراحلهم الكشفية إلى ثلاث فئات، خُصّصت لكل منها مُدرّجات خاصة، فوُزّع «الأشبال» و«الزهرات» (من عمر 9 إلى 11) على المُدرّجات السفلية. وفي الوسط، توزّع الكشافة والمرشدات (من عمر 12 إلى 14). وأخيراً ملأ الجوالة والدليلات القسم الأعلى من المُدرّجات. كما قُسّمت المُدرّجات إلى مربّعات، على رأس كل منها قائد مسؤول ومساعدون له، يتولّون استقبال المشاركين في الداخل ووصولهم إلى المقاعد المُخصّصة لهم.

 

المشهد الذي ظهر على قدر عالٍ من التنظيم أمس هو نتاج أكثر من ثلاثة أشهر من التحضيرات، شارك فيها ما يفوق الـ 8 آلاف قائد وقائدة، وُزّعوا على لجان إدارية ولوجستية وفنية وتنظيمية، ترأسها اللجنة العليا المُنظِّمة في الجمعية.

 

وتوزّعت المهام بين تحضير مرافق المدينة الرياضية من تجهيز المراحيض، وتركيب المقاعد وتأمين النظافة، وإعداد ورش عمل وتدريبات لإخراج المشهدية الفنية الصوتية والبصرية من طباعة الصورة العملاقة للشهيد السيد حسن نصرالله إلى العروض الموسيقية والفنية والأهازيج وتركيب صورة الشهيدين نصرالله وهاشم صفي الدين على شكل «بازل» يحملها الكشفيون، وتأمين الأعلام والرايات والأثواب الكشفية، وتأمين النقل، إضافة إلى الجهد الإعلامي والإعلاني. وبعد انتهاء الحدث، «تولّت أفواج الخدمة الاجتماعية والفرق اللوجستية إزالة اللافتات والأعلام وتنظيف المكان وترتيبه لتسليمه أفضل مما كان».

 

أما البرنامج الكشفي فشمل فقرات متنوّعة وعروضاً في أرض الملعب، عبرت خلالها الفرق الكشفية، التي رفعت الأعلام اللبنانية وأعلام كشافة المهدي، وخُصّصت فقرات تضامنية مع أطفال غزة واليمن وإيران. كما انتشرت بكثافة صور الشهداء، ولا سيما الشهيد السيد نصرالله التي حملها الكشفيون بأيديهم وعلّقوها على صدورهم. وكان الكشفيون، رغم حضورهم لإحياء ذكرى شهادته، ينتظرون الفقرة التي «سيظهر» فيها السيد، كما كان يفعل في كل عام.

 

وعبّرت دموع الكشفيين عن افتقادهم لـ«القائد الكبير»، قبل أن ينشدوا للأمين العام الشيخ نعيم قاسم، و«من قلبنا»، كما يعلّق أحدهم، «يا شيخنا... يا أميننا... الأمر لك... لن نخذلك...»، فيفاجئهم بحضوره عبر الشاشة في كلمة «حملت عزاء كبيراً لنا».

الأخبار