(٤-١٣)
وصلتَ إلى باريس،
لا كمنفى، بل كمساحة مؤقتة لحماية الحلم.
دخلت بيتًا صغيرًا، لكنك حملت معك وطنًا كبيرًا.
كنت وحدك، لكنك لم تكن وحيدًا.
في تلك الأيام الأولى،
كانت العائلة تلملم الوجع،
وكان المحبّون يكتبون لك رسائل لا تُرسل،
وكان التيار يُبنى من بعيد، من وجدان، من وفاء، من فكرة لم تسقط.
زارتك وجوهٌ تعرف معنى الوفاء،
وجوهٌ لم تخف من المسافة،
ولا من العتب،
ولا من العيون التي راقبتك لتقول: “انتهى.”
لكنك لم تنتهِ.
كنت تكتب، وتفكّر، وتخطّط،
كنت تراقب لبنان من بعيد،
لا لتنساه، بل لتعود إليه أقوى، أوفى، أصدق.
فخامة الجنرال،
المنفى لم يكن عزلة، بل خلوة.
خلوة مع الذات، مع الذاكرة، مع الحلم.
وفي تلك الخلوة، كُتبت الرسالة الأولى،
الرسالة التي قالت: “أنا لم أخرج من لبنان… أنا أعود إليه.”
واليوم، في ذكرى ١٣ تشرين،
نكتب إليك من قلب المنفى الذي صار ذاكرة،
ومن قلب الوطن الذي لا ينسى من خرج ليحميه،
ومن قلب التيار الذي وُلد من وجع،
ولا يزال يكتب الحلم… باسمك.
يتبع …