في ذلك الفجر، كان القرار واضحًا:
إما أن يُكتب تاريخ لبنان بالدم،
أو أن يُترك لهم المشهد… ويُكتب لنا النضال.
اخترت أن تحمي ما تبقّى،أن تحفظ الأرواح، لا أن تُراكم الشهداء.
خرجت من بيت الشعب، لا من باب خلفي.
خرجت محاطًا بمن تبقّى من الأوفياء، من الضباط الذين فهموا أن المعركة انتهت، لكن الكرامة لم تنكسر.
مشيت نحو السفارة الفرنسية، لا لتطلب حماية، بل لتمنع مجزرة.
لأنك كنت تعرف أن بقاءك في القصر يعني سقوط المزيد من الأجساد، لا سقوط الحلم.
في تلك الساعات، كانت العائلة تجمع ما تبقّى من الذاكرة،
كانت تودّع البيت، لا الوطن.
كانت تعرف أن الرحيل مؤقت، وأن العودة حتمية،
لأنك لم تخرج لتنسى… بل لتُكمل.
أما المحبّون،
فلم يناموا تلك الليلة.
بعضهم بكى بصمت،
بعضهم كتب اسمك على الجدران،
وبعضهم وعد نفسه أن لا يهدأ حتى تعود.
وهكذا صار المنفى بداية، لا نهاية.
وصار بيت الشعب ذاكرة، لا مأوى.
وصار ١٣ تشرين لحظة ولادة، لا لحظة سقوط.
يتبع …..
* محامية ومنسقة لجنة العلاقات العامة في التيار الوطني الحر