<
27 September 2025
تعثر اتفاقية الشرع – نتنياهو: إسرائيل ترفع "قميص السويداء"

 

عامر علي-

في اللحظات الأخيرة، انتكست الاتفاقية المزمع توقيعها بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول الجنوب السوري، بعد تدخل من تركيا التي ترفض إقامة ممر "إنساني" إسرائيلي نحو السويداء - وهو أحد البنود التي لم يتم تسريبه سابقاً -، الأمر الذي لا يعني فعلياً فشل المفاوضات، وإنما تأجيلها بعض الوقت.

الاتفاقية التي كانت تستعد الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب لاحتضان توقيعها، في سياق محاولة ترامب ترويج "انتصارات سياسية" في الملف السوري الذي باتت واشنطن تقبض عليه عبر مبعوثها الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، سربت وسائل إعلام عديدة، في وقت سابق، جملة من بنودها، ومن بينها تقسيم الجنوب السوري إلى ثلاث مناطق أمنية، عبر توسيع الشريط العازل مع الأراضي المحتلة بمسافة كيلومترين، بما يبقي في يد إسرائيل قمة جبل الشيخ وتل الحارة في درعا، وإقامة منطقة منزوعة السلاح، وأخرى محظورة على الطيران الحربي السوري تصل إلى تخوم دمشق، بالإضافة إلى فتح ممر جوي للطيران الإسرائيلي نحو إيران، في حال قررت إسرائيل شن اعتداءات جديدة عليها.

وأمس، نقلت وكالة "رويترز"، عن أربعة مصادر مطلعة على المحادثات، أن الاتفاق تعثر بسبب مطالبة إسرائيل بممرّ يربطها بالسويداء، الأمر الذي حاولت السلطات السورية الانتقالية الالتفاف عليه سابقاً عبر توقيع "خارطة طريق" بالشراكة مع الأردن والولايات المتحدة، خصوصاً أن الممر الإسرائيلي يشكل تهديداً مباشراً لعمّان، التي يبدو أنها استشعرت خطر مساعي تل أبيب التوسعية بحجة "حماية الدروز" في السويداء.

وكانت تضمنت خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها قبل منتصف الشهر الحالي، تعهدات من السلطات الانتقالية بتأمين طريق دمشق – السويداء لتمرير المساعدات، ومحاسبة جميع مرتكبي الجرائم، بالإضافة إلى بدء مساعٍ لفتح حوار مع أبناء المحافظة، الأمر الذي ردت عليه اللجنة القانونية في السويداء (الإدارة الذاتية الناشئة في المحافظة) بالرفض، في وقت نشطت فيه مبادرات لجمع تواقيع من أبناء المحافظة تطالب بتقرير المصير، وبالتالي الانفصال عن سوريا.

وبحسب التسريبات الجديدة لوكالة "رويترز"، فإن إسرائيل أضافت مسألة فتح ممر نحو السويداء في مرحلة متأخرة من المحادثات، الأمر الذي أعاق خطط الإعلان عن اتفاق هذا الأسبوع، في حين لم يُبلّغ عن نقطة الخلاف الجديدة سابقاً، ما يعني أن السلطات الانتقالية وافقت على المشروع الذي قدمته إسرائيل في وقت سابق، والذي يمنح تل أبيب نفوذاً غير مسبوق في الجنوب السوري؛ علماً أن التصريحات الصادرة عن مندوبي الأولى، بمن فيهم المندوب السوري في الأمم المتحدة، كانت تشير إلى اقتراب توقيع الاتفاقية.

وتأتي هذه التسريبات بعيد لقاء أجراه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مع ترامب، كال خلاله الأخير المديح للأول الذي أكد أنه صاحب "الإنجاز السوري"، وأنه "من أسقط الأسد". ومنذ سقوط النظام السابق، نهاية العام الماضي، تخوض إسرائيل وتركيا صراعاً علنياً على النفوذ في سوريا، في ظل محاولة أنقرة التوسع عسكرياً في جارتها الجنوبية، ورفض إسرائيل تلك المحاولة، والذي ترجمته بقصف مقرات عسكرية وسط سوريا، كانت تستعد تركيا لتحويلها إلى قواعد عسكرية تابعة لها، بذريعة "تدريب الجيش السوري الناشئ".

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن المفاوضات لا تتم مع دمشق، بل مع القوة الحقيقية التي تُحرك الأمور وراء الكواليس وهي أنقرة. ورأت أن "إسرائيل تتمتّع الآن بتفوق استخباراتي وعسكري مطلق، وأي اتفاق مع السوريين هدفه الهدوء فقط هو هدية لتركيا تمكنها من مواصلة هيمنتها من دون أي تعويض لنا"، مضيفة أنه "ينبغي أن يكون المقابل الإسرائيلي للهدوء في سوريا خطوات تركية شاملة، تشمل تطبيعاً كاملاً وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة وتجديد التعاون الاقتصادي"، الأمر الذي يعني توسيع دائرة المحادثات لتشمل تركيا والأردن، قبل الوصول إلى اتفاق أمني نهائي حول الجنوب السوري، الذي باتت قضية السويداء الإشكالية الوحيدة فيه.

الأخبار