أكد مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط أن طرفا الحرب في السودان، الجيش وقوات الدعم السريع، "يقتربان من محادثات مباشرة لإنهاء إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم".
وقال بولس للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إن الولايات المتحدة تجري مناقشات مع الجيش وقوات الدعم السريع للاتفاق على مبادئ عامة للمفاوضات.
وعبر بولس عن أمله في "الإعلان عن شيء ما قريبا جدا"، وقال: "أيا من الطرفين لا يسيطر على الوضع الراهن لذا كلاهما مستعد للتحدث".
وفي إطار الجهود الدولية المتصاعدة الرامية لحل الأزمة السودانية، عقدت المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة ودولة الإمارات والسعودية ومصر، اجتماعا مساء الأربعاء في نيويورك.
وعقب الاجتماع، قال بولس في تغريدة على حسابه في منصة إكس: "أكدت البلدان الأربع مجدداً على أهمية إنهاء النزاع في السودان واستعادة السلام، وتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب السوداني. لقد طال أمد هذه الحرب بما فيه الكفاية، والرئيس الأميركي يريد السلام".
وكشف المستشار الأميركي عن موافقة قوات الدعم السريع على السماح لشاحنات المساعدات بدخول الفاشر عاصمة إقليم دارفور، التي تشهد قتالا وحصارا عنيفا.
وأوضح: "بدأت بعض الإمدادات بالتدفق بالفعل والأمور بدأت تتبلور الآن".
ومع طول أمد الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023، تتزايد المخاوف الدولية من المزيد من التداعيات الكارثية حيث قتل حتى الآن أكثر من 150 ألف شخص واضطر 15 مليونا للفرار من بيوتهم، وسط دمار هائل في البنية التحتية قدرت خسائره بمئات المليارات من الدولارات.
اختراق كبير
يرى مراقبون أن تصريحات المستشار الأميركي تشير إلى قرب حدوث اختراق كبير في الأزمة السودانية بعد فشل 10 مبادرات دولية واقليمية منذ اندلاع القتال وحتى الآن.
ووفقا لمهدي الخليفة الوزير الأسبق في الخارجية السودانية، فإن تصريحات بولس تعتبر الأولى التي تظهر تأكيد الولايات المتحدة باقتراب الدخول في تفاوض مباشر، موضحا: "هذا يعني أن واشنطن أصبحت قادرة على كسر حاجز العزلة بين الطرفين".
وأشار الخليفة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعي الي توظيف الملف السوداني كنجاح خارجي سريع يُظهر قدرته على حل نزاعات معقدة، وليثبت حضوره في السياسة الخارجية، كما أنه يمنح ترامب والولايات المتحدة ورقة مهمة لإثبات أن تدخلها يترجم مباشرة لإنقاذ المدنيين.
وأضاف: "حل النزاع السوداني سيكون بمثابة عودة أميركية قوية إلى ملف القرن الإفريقي وقطع الطريق على أي نفوذ لروسيا أو الصين".
وينبه الخليفة إلى أن الولايات المتحدة تمتلك العديد من أوراق الضغط التي يمكن أن تساعد في إنجاح خارطة الطريق الرباعية.
وأوضح: "واشنطن قادرة على استخدام ورقة العقوبات الفردية التي تستهدف القادة العسكريين إضافة إلى ورقة المساعدات الاقتصادية، كما تستطيع واشنطن ممارسة المزيد من الضغط من أجل اتخاذ إجراءات تصعيدية في مجلس الأمن الدولي إذا ما استمر الطرفان في رفض الحلول الدولية".
مخاوف متصاعدة
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار القتال في إقليمي كردفان ودارفور وسط مخاوف من أن يؤدي طول أمد الحرب إلى المزيد من التداعيات الكارثية.
ويلقي مراقبون باللوم على مجموعات إخوانية متهمة بالضغط على قيادة الجيش لإفشال مبادرات الحل السلمي.
وتوقع ويلي فوتري مؤسس منظمة بلا حدود لحقوق الإنسان، أن تواجه الجهود الدولية صعوبات كبيرة.
وأوضح: "هناك تردد طويل الأمد من جانب الجيش في الجلوس إلى طاولة المفاوضات فقد أشار تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية إلى تعثر جهود تحقيق السلام باستمرارٍ بسبب عزوف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عن المشاركة الفعالة".
وأضاف: "سادت حالة من التفاؤل عندما التقى البرهان بالمبعوث الأميركي مسعد بولس في سويسرا في 11 أغسطس لكن البرهان صرح لمناصريه بعد أيام قليلة من اللقاء بأنه لا مجال للهدنة وسيستمر في الحرب ولن يقبل بتقديم أي تنازلات أو مصالحة مهما كان الثمن".
وأشار فوتري إلى أهمية تقديم دعم جماعي عاجل لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية في السودان، وتحرك عالمي منسق لمعالجة الأزمة المتفاقمة، وحشد التمويل والضغط الدبلوماسي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.