رغم كل السخط الذي أبداه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القرار الذي اتخذه حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقصف مقر لقادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، إلا من غير المرجح أن تغير هذ الضربات النهج المتجذر لدى ترامب تجاه إسرائيل، وفق ما أكد عدة محللين.
فقد كشفت هذه الغارات أن حساب الأولويات هي التي تحكم علاقة ترامب ونتنياهو، وفقما نقلت وكالة "رويترز".
كما أظهرت أن إسرائيل لا تخشى العمل ضد المصالح الأميركية، ولا تخشى التغاضي عن إبلاغها بأي ضربات.
وقد أعادت الغارات على الدوحة إلى الذاكرة غياب التحذير قبل الهجوم الذي شنته إسرائيل في سبتمبر 2024 على حزب الله، عندما أصابت إسرائيل الآلاف من عناصر الجماعة بأجهزة بيجر مفخخة، دون إبلاغ الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن.
لكن رغم أن ترامب عبر في بعض الأحيان عن استيائه من نتنياهو، فإن إدارته دعمت بقوة حملة إسرائيل لإضعاف حماس، وسمحت لها بالأخذ بزمام المبادرة في قضايا رئيسية مثل البرنامج النووي الإيراني.
وفي السياق، قال آرون ديفيد ميلر الزميل بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومفاوض السلام الأميركي المخضرم "هذه المرة، أعتقد أن ترامب منزعج من تكتيكات نتنياهو".
لكنه أضاف أن "الرئيس الأميركي يتفق في أعماق نفسه" مع فكرة نتنياهو بأن حماس لا يمكن تفريغها من مضمونها كمنظمة عسكرية. بل يجب إضعافها بشكل جذري".
كذلك، أحجم بعض المحللين عن استبعاد احتمال أن يتسبب نتنياهو في نفاد صبر ترامب إذا أثار حفيظة واشنطن بمزيد من المفاجآت.
لكن عمليا، قد يعني أو يترجم هذا السخط بسحب الغطاء السياسي عن الغزو الإسرائيلي المستمر لمدينة غزة، والذي يثير غضب الدول الأوروبية والعربية في ظل انتشار المجاعة في القطاع الفلسطيني المدمر.
من جانبه قال مايكل أورين السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة إنه يبدو من غير المرجح حدوث قطيعة بين الرجلين. وأضاف أن ترامب يثمّن القوة والصفقات التي تنهي الحروب.
كما أردف قائلا "إذا استطاع نتنياهو الاستمرار في مراعاة الجانبين في الرئيس، فسيكون الأمر على ما يرام... أنا لست قلقا بشأن العلاقة".
في حين رأى جوناثان بانيكوف النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط "يمكن للولايات المتحدة أن تحاول بلطف إقناع إسرائيل ودفعها لاتخاذ قرارات... لكن نتنياهو سيواصل التصرف بما يراه في مصلحة إسرائيل وحدها".
يأتي هذا فيما يقر مسؤولون في الإدارة الأميركية بأن الشراكة بين ترامب ونتنياهو تشهد فترات شد وجذب. وقال أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض "الوضع يشهد شدا وجذبا منذ الحملة الانتخابية".
وفي مايو الماضي زار ترامب السعودية وقطر والإمارات في أول جولة خارجية كبيرة له، لكنه لم يتوقف في إسرائيل، وهو ما اعتبره عدد من المحللين تجاهلا. وخلال تلك الجولة، وافق ترامب على رفع العقوبات عن الحكومة السورية الجديدة بعد طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. فيما أثارت هذه الخطوة قلق المسؤولين الإسرائيليين.
لكن بعد شهر واحد فقط، بدا أن تحالف ترامب-نتنياهو قد عاد إلى حالته المعهودة. فبعد أن أطلقت إسرائيل حرباً جوية على إيران في يونيو، فاجأ ترامب حتى بعض حلفائه السياسيين بإرسال قاذفات بي-2 لشن ضربات على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية، وهو الرجل الذي ظل يتعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراعات الخارجية.
وإذا كان ذلك قد خلق حالة من الارتياح داخل إدارة نتنياهو، فإنه لم يعد بالنفع على المصالح الخاصة بالسياسة الخارجية لترامب، على الأقل في الأمد القريب، وفق رويترز.
ثم بعد أيام، انتقد ترامب بشدة إيران وإسرائيل لخرقهما اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.
وفي يوليو الماضي، انتقدت الولايات المتحدة غارة إسرائيلية على دمشق، دمرت جزءا من وزارة الدفاع السورية.
أما بعيد تنفيذ الغارات الإسرائيلية على الدوحة يوم الثلاثاء الماضي، فشدد الرئيس الأميركي على أنه "غير سعيد" بالتحرك الإسرائيلي.
كما نقل مسؤولون أميركيون عنه قوله إن تصرف نتنياهو كان متهوراً وغير حكيم.