<
06 September 2025
خاص- السلاح بين السيادة والانقسام: المعركة المستمرة!

خاص tayyar.org

لم يكن الجدل الذي استعر عقب إعلان الحكومة الترحيب بخطة الجيش لحصر السلاح خارج الدولة مجرد خلاف على إجراء تقني، بل هو انعكاس مباشر لأزمة الهوية الوطنية وتوازن القوى. فالمسألة تتجاوز النقاش في قدرة الجيش على التنفيذ ربطا بالمعوقات وما سماه قائد الجيش العماد رودولف هيكل "التقييدات"، لتطرح سؤالاً أعمق: أي دولة يريد اللبنانيون، وأي صيغة حكم قادرة على استيعاب التناقضات الكبرى؟
جاء الإعلان الحكومي في لحظة ضاغطة داخلياً وخارجياً. داخلياً، لم يعد الرأي العام، ولا جزء أساسي من الطبقة السياسية، قادراً على القبول بواقع ازدواجية السلطة المسلحة، خصوصاً بعد سلسلة من الأزمات الأمنية والاقتصادية التي كشفت هشاشة الدولة. وخارجياً، ثمة ضغط متصاعد من شركاء دوليين يشترطون تقدّم الدولة في ملف السيادة مقابل أي دعم اقتصادي أو سياسي. لكن ما بدا خطوة سيادية، سرعان ما تحوّل شرارة انقسام بعد انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة، في مؤشر إلى أنّ أي معالجة أحادية الجانب ستبقى عاجزة عن إنتاج استقرار فعلي.
المفارقة أن الخطة قد تُعيد إنتاج المأزق بدل حلّه: فهي من جهة تعطي الدولة ورقة قوة أمام المجتمع الدولي، لكنها من جهة ثانية تعمّق الشرخ الداخلي وتضع الجيش في مواجهة احتمال التصادم مع بيئات لبنانية واسعة. هنا يظهر التناقض البنيوي: لا يمكن فرض السيادة بالقوة وحدها من دون تسوية سياسية شاملة.
تأسيساً على هذا المشهد، لن يُقاس نجاح الخطة أو فشلها فقط بمدى التقدم الميداني، بل بقدرة النظام على إنتاج صيغة توافق جديدة تُراعي هواجس الداخل وتستجيب لمتطلبات الخارج في آن واحد.