<
28 August 2025
بعد تكساس... ولايات جمهورية تبحث إعادة ترسيم الخرائط الانتخابية

عدوى تكساس الانتخابية بدأت بالتغلغل في ولايات جمهورية أخرى، فبعد إقرار إعادة رسم الخرائط الانتخابية في الولاية الحمراء، يسعى الرئيس الأميركي إلى دفع ولايات جديدة للتصويت على إعادة الترسيم، أملاً في اكتساب مقاعد إضافية تحافظ على الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب في الانتخابات النصفية المتوقّعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2026.

وقد تذهب المقاعد الخمسة، التي حصل عليها الجمهوريون مبدئياً في تكساس، أدراج الرياح مع دفع ولاية كاليفورنيا الزرقاء نحو إعادة الترسيم، في خطوة ستُعطي الديمقراطيين عدد مقاعد مماثلاً، ويعيد التوازن الحالي في المجلس. لهذا، فقد عقد ترمب وفريقه اجتماعاً مغلقاً يوم الثلاثاء مع المشرعين الجمهوريين المحليين في ولاية إنديانا، لدفعهم نحو إعادة الترسيم، وهو جهد بدأه نائب الرئيس جاي دي فانس عندما زار الولاية لطرح المسألة مع حاكمها الجمهوري مايك براون. ودعا فانس المشرعين خلال الاجتماع في مبنى أيزنهاور المجاور للبيت الأبيض إلى «القتال لدعم الجمهوريين»، قائلاً: «كونوا جمهوريين حقيقيين»، وفق ما نقلت صحيفة «بوليتيكو».

ويبدو أن هذه الجهود نجحت في إقناع المشرعين الجمهوريين، خاصة أن ترمب اجتمع برئيس مجلس النواب والشيوخ في الولاية، كل على حدة. لكن حتى في حال تمكن هؤلاء من إقرار إعادة الترسيم، فهذا سيعطي الجمهوريين مقعداً واحداً فقط في النواب في الانتخابات التشريعية المقبلة.

ويوسع ترمب دائرة الضغط لتشمل ولايات أخرى، منها أوهايو، التي يواجه المشرعون فيها تصويتاً لإعادة رسم الخريطة الانتخابية في الثلاثين من سبتمبر (أيلول)، وفلوريدا.

عوائق قضائية

تواجه هذه الجهود عوائق عدة، أبرزها قانونية. ففي ولاية يوتا مثلاً، أمر قاضٍ المشرعين بإعادة رسم خريطة الولاية بعد أعوام من الدعاوى القضائية، ما يعني أن الديمقراطيين قد ينتزعون مقعداً هناك. لكن الدعوى القضائية الأبرز هي في ولاية كاليفورنيا، إذ جاء التهديد على لسان الرئيس الأميركي نفسه الذي تعهد بمقاضاة الولاية وجهود حاكمها غافين نيوسوم في إعادة الترسيم.

 

وقال ترمب: «أعتقد أنني سأرفع دعوى قريباً، وسوف ننجح فيها بشكل كبير»، مضيفاً أن وزارة العدل ستترأس هذه الجهود. ويتعارض هذا الموقف إلى حد كبير مع موقفه الداعم لتحرك تكساس، حين قال إن «سكان تكساس الرائعين ستكون أمامهم فرصة انتخاب خمسة جمهوريين إضافيين إلى الكونغرس، بفضل إقرار خريطتهم الجديدة. إنه نصر كبير للجمهوريين في تكساس، وفي جميع أنحاء البلاد».

وقد ولّد هذا الصراع مواجهة مفتوحة بين ترمب وحاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، الذي لم يُوفّر مناسبة إلا وتحدّى الرئيس الأميركي علنياً على منصّات وسائل التواصل. وتتخطّى طموحات نيوسوم الانتخابية كاليفورنيا لتصل إلى البيت الأبيض، إذ إنه من الديمقراطيين البارزين المطروح اسمهم للترشح للرئاسة. وعمد نيوسوم في الفترة الأخيرة إلى تصعيد لهجته المنتقدة والمتحدية لترمب في ملفات عدة، أبرزها إعادة الترسيم التي تنتظر تصويت الناخبين عليها في الولاية في نوفمبر قبل إقرارها، بحسب قوانين كاليفورنيا.

مشهد استثنائي

ويعدّ صراع إعادة الترسيم بهذا الشكل استثناء يعكس إلى حد كبير مشهد الانقسامات الداخلية الأميركية. فقد جرت العادة أن يُعاد رسم الخرائط الانتخابية بعد إتمام التعداد السكاني كل 10 أعوام، وذلك بهدف ضمان تمثيل عادل للولاية في مجلس النواب بحسب عدد سكانها، على خلاف مجلس الشيوخ حيث تتمتع كل ولاية بتمثيل سيناتورين بغض النظر عن عدد السكان فيها. لكن الحزبين، «الديمقراطي» و«الجمهوري»، عمدا في الأعوام الأخيرة إلى استغلال هذا الإجراء لمصالح حزبية، بهدف انتزاع مقاعد إضافية لصالحهما عبر إعادة الترسيم، وهي جهود عادة ما تصطدم بأحكام قضائية.

لكن ما يعزز الصراع اليوم هو رغبة ترمب في الاحتفاظ بالأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وتعزيز هذه الأغلبية الضئيلة حتى يتمكن من إقرار أجندته، وتجنب مواجهة مع الكونغرس، ولا سيّما أن الديمقراطيين تعهدوا بمحاسبته على غرار ما فعلوا عبر إجراءات عزله في عهده الأول. ويسعى ترمب إلى تحدّي المعادلة التاريخية التي غالباً ما تؤدي إلى فوز الحزب المعارض للرئيس في الانتخابات التشريعية النصفية، ناهيك عن أرقام استطلاعات الرأي التي تظهر تدهوراً في شعبيته، ما سيؤثر سلباً على حظوظ الجمهوريين بالفوز.

الشرق الأوسط