<
03 August 2025
لبنان يتسلم النص النهائي للورقة الأميركية: الالتزام وإلا "تحمل المسؤولية"! (المدن)

لم تعد عودة الموفد الأميركي توم باراك من عدمها هي القضية. فالخطوة بحد ذاتها لم تعد أساس البحث، طالما أن السياسة الأميركية تجاه لبنان لا تزال على حالها، بل ازدادت حدة. حتى ساعات ليل أمس، لم يكن لبنان قد تبلّغ بعد من سيكون خليفة باراك أو الموفد الجديد الذي ستوكل إليه مهمة إدارة الملف اللبناني، وإن كانت الترجيحات تشير إلى أن مورغان أورتاغوس قد تزور لبنان ريثما يتسلّم ميشال عيسى منصبه كسفيرٍ للولايات المتحدة لدى لبنان. لكن لا شيء رسمي بعد.

وما تبلّغه لبنان باختصار هو أن أورتاغوس كُلِّفت بالمساعدة في الملف اللبناني، لكن من محل إقامتها في نيويورك، ومن دون أن تزور لبنان.

الواضح أن السفارة الأميركية في بيروت ستتولى نقل التبليغات الجديدة. وقد علمت "المدن" أن السفارة سلمت المسؤولين اللبنانيين النص النهائي لورقة المقترحات أو الخطوات الواجب على لبنان تنفيذها. وتبيّن أن النص النهائي يتضمّن تعديلات غير جوهرية على الصيغة الأولية، لكنه يحتوي على مسوغات شرح جديدة باستخدام مصطلحات مختلفة.

الفرق بين النص القديم.. والجديد

أما الفرق الأبرز بين النص النهائي والصيغة السابقة، فهو أن هذا النص غير قابل للمراجعة أو التعديل، خلافًا لما أعلنه باراك سابقًا بأن الورقة الأولى كانت مقترحات يمكن للبنان تعديلها. والورقة الجديدة المعدلة، التي ستُعرض على مجلس الوزراء، تتضمّن تفاصيل العناوين الرئيسية، أبرزها:

مراحل تسليم سلاح حزب الله، من السلاح الثقيل إلى المسيّرات، ثم السلاح الخفيف، ضمن مهلة زمنية محددة.

علاقة لبنان بسوريا، مع مطالبة بالإسراع في ترسيم الحدود بين البلدين، وترسيم الحدود مع إسرائيل.

وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها في الجنوب، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين. إعادة الإعمار وسبل تحقيق الازدهار الاقتصادي في لبنان.

 

وتتضمن الورقة معظم الأفكار التي سبق لباراك أن طرحها خلال زياراته ومواقفه المختلفة حيال المهمة الموكلة إليه.

وتُظهر المقارنة بين النص النهائي والصيغة السابقة أن الأميركيين أجروا تعديلات جعلت النص غير قابل للنقاش، فإما أن يوافق عليه لبنان كما هو أو يرفضه ويتحمّل العواقب. وكان من أبرز التعديلات اعتماد مصطلحات دقيقة، مثل استبدال "الحدود المعترف بها دولياً" بـ"الحدود الدولية"، إلى جانب إعادة ترتيب الأولويات. كما حُذف مقطع عن حصة لبنان من مياه الوزاني، ورُبط الحديث عن مزارع شبعا بترسيم الحدود في المرحلة الرابعة.

من حيث التوقيت، بات من الواضح أن واشنطن أصرت على تسليم النص النهائي عشية الجلسة الحكومية، والتي يُدرج فيها ملف سلاح حزب الله ضمن جدول الأعمال. ما يعني تصعيدًا في وتيرة الضغط الأميركي على لبنان، خصوصًا أن المطلوب إما إقرار الورقة كما هي، أو إعلان رفضها وتحمل التبعات.

في حال الالتزام بتنفيذ الورقة، سينتقل لبنان إلى مرحلة من الازدهار، إذ تتحدث الورقة عن دور للدول المانحة في إعادة الإعمار ومساعدة لبنان. وهذا يعني أن الولايات المتحدة، التي تتحدث بلسان إسرائيل وتنوب عنها، ترفض أي مقترح لبناني كان مطروحًا على طاولة مجلس الوزراء، خصوصًا بشأن سحب سلاح حزب الله وإحالة الملف إلى المجلس العسكري أو أي هيئة عسكرية لتنفيذه وفق مراحل محددة.

وإذا كانت الاتصالات في الساعات الماضية لم تُفلح في تلطيف أجواء الجلسة الحكومية المقررة الثلاثاء المقبل، فإن مصير هذه الجلسة لا يزال مرهونًا بمساعي الساعات الأخيرة والاتصالات الجارية بين الرئاسات الثلاث، وما ستؤول إليه.

لقد فتحت الصيغة الجديدة إشكالية إضافية، وطرحت تساؤلات حول موقف الثنائي الشيعي من الجلسة، وكيف ستتعاطى الحكومة معها. فإذا كان هناك رفض سابق لمناقشة ورقة قابلة للتعديل، فكيف سيكون الموقف من ورقة نهائية مشروطة بالقبول الكامل أو الرفض وما يترتب عليه؟

الورقة اللبنانية رفضت بكامل مندرجاتها، لتحل مكانها الورقة الأميركية بصيغتها النهائية. الأنظار مجددًا تتجه إلى رئيس مجلس النواب واتصالاته مع حزب الله، وإلى تفاهم رئيس الجمهورية جوزاف عون مع الحزب، الذي يصر على عدم قطع أبواب العلاقة مع الرئاسة الأولى.