محمد حمية -
وجّه المبعوث الأميركي توم برّاك في تغريدته الأخيرة رسالة مباشرة وشديدة اللهجة إلى أركان الدولة، مرفقة بدعوة صريحة للبتّ بملف سلاح «حزب الله» في مجلس الوزراء، ولو أدّى إلى صدام بين الجيش اللبناني والمقاومة، تحت تهديد بإبقاء لبنان في دائرة التعثر.
برّاك الذي دعا منذ أيام فقط إلى استمرار المساعي الديبلوماسية للتوصّل إلى حلٍ مع الدولة، لم يمنح الفرصة والوقت الكافي لاقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائهما الأخير، بل عاد بالردّ السلبي بزيارة ثانية إلى عين التينة في اليوم نفسه، بعد الاجتماع في منزل النائب فؤاد مخزومي وفق المعلومات، ما يعني أنّ الأميركي يستعجل الدولة لحسم الملف قبل اللجوء إلى خيارات أخرى للضغط، ومنها الخيار العسكري.
ويُشير مصدر ديبلوماسي في سياق ذلك لـ«الجمهورية»، إلى أنّ الأميركيِّين يُعدّون حزمة عقوبات مالية واقتصادية قاسية لن تقتصر على «حزب الله» وشخصيات لبنانية فحسب، بل على الدولة اللبنانية، لتشديد الخناق على الشعب اللبناني. ويتوقع الديبلوماسي تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية حتى الانتخابات النيابية المقبلة.
ويدعو برّاك الدولة إلى نقل كرة النار إلى داخل الحكومة لإحراج رئيسَي الجمهورية والحكومة و«حزب الله»، وخلق شرخ داخلي يكون أحد أدوات الضغط، بعدما حاول رئيس الجمهورية مراراً أخذ الملف بصدره لعدم إحراق نسيج الحكومة والدخول بأزمة سياسية وحكومية في أخطر مرحلة يمر فيها لبنان والمنطقة.
فهل يتّجه عون وسلام إلى طرح موضوع السلاح على مجلس الوزراء؟
ونفت مصادر مطلعة على أجواء السراي الحكومي لـ«الجمهورية» اتخاذ قرار بطرح ملف السلاح على مجلس الوزراء، ولو أنّه تمّ التداول به. وتشير إلى أنّ هناك تشاوراً رئاسياً حول الاتفاق على صيغة ما لمعالجة مسألة السلاح والورقة الأميركية، لكن لا قرار حتى الساعة.
وفيما عُلِم أنّ رئيس الحكومة عرض على بري طرح الورقة الأميركية وبند السلاح على مجلس الوزراء لاحتواء الضغط الخارجي، أشارت مصادر السراي إلى أنّ سلام ناقش وبري ملفات عدة، ولا سيما منها الورقة الأميركية والسلاح وزيارته الأخيرة لفرنسا والجلسة التشريعية المرتقبة.
ووفق مطلعين على الشأن السياسي، فإنّه حتى لو عُرضت قضية السلاح على مجلس الوزراء فلا يعني طرحها على التصويت لاتخاذ القرار، بل على سبيل المناقشة، وإن طُرِحت فإنّ أكثرية الثُلثَين تدور في فلك الرؤساء الثلاثة بأولوية وقف إطلاق النار والخروقات والاعتداءات الإسرائيلية وإطلاق الأسرى قبل أي خطوة من الجانب اللبناني.
ويذهب المطلعون، إلى حدّ الاعتقاد بوجود اتفاق أو عهد رئاسي ضمني منذ تأليف الحكومة، بتجنّب طرح قضايا وطنية خلافية على التصويت في مجلس الوزراء من دون التفاهم المسبق عليها، لتفادي أي تداعيات سلبية على تماسك الحكومة والوحدة الوطنية والسلم الأهلي، لأنّ الوزراء الممثلين «للثنائي الشيعي» في الحكومة سيعتكفون ويعلّقون مشاركتهم في الحكومة في حال طُرح موضوع السلاح على التصويت، ما قد يُدخل البلد في أزمة ميثاقية وتشكيك بشرعية الحكومة.
ويؤكّد المطلعون، أنّ الرؤساء الثلاثة لا يثقون بأنّ الجانب الأميركي سيضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإنسحاب من الجنوب ووقف الإعتداءات، ولا حتى ضمان بوضع جدول زمني لذلك، فلماذا نذهب إلى الإصطدام مع «حزب الله»؟ ولذا، فإنّ التعنّت الإسرائيلي بات حجّة مقنعة للبنان لتأجيل الخلاف.
غير أنّ جهات عليمة تخشى من مفاجآت أو أحداث كبرى في لبنان والمنطقة، قد تدفع برئيسَي الجمهورية والحكومة تحت ضغوط غير عادية إلى اتخاذ قرار بالتصويت على مسألة السلاح. ووفق المعلومات، فإنّ وزراء «القوات اللبنانية» سيطرحون التصويت على حصرية السلاح في الجلسة المقبلة تحت ضغط التلويح بالإستقالة.