<
26 July 2025
لا انهيار كاملاً للمفاوضات: أميركا وإسرائيل تشدّدان ضغوطهما

كتبت "الأخبار":


تدخل المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل مرحلة ضغوط وخلط أوراق بعد انسحاب أميركي - إسرائيلي من محادثات الدوحة وتحذير من تصعيد عسكري محتمل.

تشهد المفاوضات غير المباشرة بين العدو الإسرائيلي وحركة «حماس» تطورات ذات حساسية بالغة، في ظلّ تبدّل مفاجئ في الموقف الأميركي، وتكثّف المناورات السياسية الأميركية – الإسرائيلية التي تسعى إلى إرباك البيئة المحيطة بهذه المفاوضات. ورغم انسحاب الوفدين الأميركي والإسرائيلي من محادثات الدوحة تحت عنوان «التشاور»، فإنّ المسار التفاوضي لم يُغلق، وفق عدّة مصادر مطّلعة، بل دخل مرحلة جديدة قوامها الضغوط الممنهجة وإعادة خلط الأوراق بهدف تحسين الشروط التفاوضية.

وحتى مساء الخميس الماضي، كانت تقديرات الوفد الأميركي تشير إلى أنّ ردّ «حماس» لم يُشكّل عقبة حقيقية، بل احتوى على عناصر قابلة للبناء عليها. وعلى هذا الأساس، أجرى المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، اتصالات مع الوسيطين المصري والقطري، تحضيراً لجولة جديدة من المفاوضات كانت مقرّرة في الدوحة. غير أنّ تحوّلاً دراماتيكياً طرأ بعد اتصالات ثلاثية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، تلاه تصعيد لافت في التصريحات، وانسحاب مفاجئ للوفدين الأميركي والإسرائيلي من محادثات الدوحة. وعُدّ ذلك بمثابة رسالة ضغط لا تعني نهاية المسار، بقدر ما تهدف إلى تعديل في التوازنات التفاوضية لصالح العدو.

ومن هنا، لا ترى القاهرة والدوحة في ما جرى انهياراً للمفاوضات، بل تعتبرانه «تعليقاً مؤقّتاً قابلاً للاستئناف»، بحسب مصادر مطّلعة، خصوصاً أنّ العقبات الحالية ليست أكثر تعقيداً من تلك التي جرى تخطّيها سابقاً. وترى العاصمتان الوسيطتان أنّ «الموقف الأميركي لا يمانع التوصّل إلى اتفاق في جوهره، لكنه يستخدم أقصى أدوات الضغط بهدف انتزاع تنازلات إضافية»، خصوصاً في ما يتعلّق بخرائط الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وضمانات ما بعد وقف إطلاق النار، وكذلك مسألة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وأكّدت مصر وقطر، في بيان مشترك أمس، تحقيق «بعض التقدّم» في جولة المفاوضات التي استمرّت ثلاثة أسابيع. ولفت البيان إلى أنّ «تعليق المفاوضات لأغراض التشاور لا يُعدّ انهياراً»، داعياً إلى «عدم الانسياق خلف التسريبات الإعلامية التي تحاول التشويش على مسار التفاوض».

وفي حين ذكرت شبكة «سي إن إن» أنّ الوسطاء لا يزالون يناقشون سبل التوصّل إلى اتفاق قريب، نقلت قناة «كان» عن مصدر إسرائيلي مطّلع أنّ الفجوات مع «حماس» ليست كبيرة ويمكن تجاوزها. وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أنّ «حماس» لم تقدّر بشكل دقيق ردّة الفعل الإسرائيلية – الأميركية على مقترحاتها، لكنّ المفاوضات لم تنهَر، بل تجري حالياً مشاورات داخلية في تل أبيب لإيجاد مخرج تفاوضي محتمل خلال الأيام المقبلة، بعد أن تهدأ الأجواء وتُستوعب الرسائل المتبادلة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منح، أمس، الضوء الأخضر للاحتلال لمواصلة الحرب على غزة، بذريعة أنّ «حماس لا تريد اتفاقاً». وفي تصريحات أدلى بها، زعم ترامب أنّ الحركة «ترغب في الموت»، مضيفاً أنّ «الوصول إلى آخر الرهائن يجعل حماس تدرك ما ينتظرها، ولهذا لا تريد الاتفاق». وأردف قائلاً: «من الصعب جداً أن تقبل حماس باتفاق، لأنها ستفقد درعها وغطاءها»، بحسب قوله. ومن جهته، قال نتنياهو، عبر منصة «إكس»، إنّ حكومته تدرس مع واشنطن «بدائل» لاستعادة المحتجزين وإنهاء حكم «حماس»، من دون الكشف عن طبيعة هذه البدائل.

وفي وقت لاحق من يوم أمس، عقد نتنياهو اجتماعاً أمنياً مصغّراً مع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين لبحث تطورات الحرب والمفاوضات، إذ نقلت «هيئة البث الرسمية» عن مصادر أنّ «الجيش عرض على القيادة السياسية خطّة لتطويق غزة وتقسيمها إلى مناطق، بهدف استنزاف حماس والسكان معاً». وتتضمّن الخطة، بحسب التقارير العبرية، «مناورات عسكرية في أماكن يُعتقد بوجود أسرى فيها، رغم معارضة الأجهزة الأمنية لذلك حتى الآن». وفي الإطار عينه، قالت «القناة 13» العبرية إنّ الاحتلال يدرس خطوات عسكرية واسعة في غزة، تترافق مع ضغوط على قيادات «حماس» في الخارج.

وفي خضمّ ذلك، صعّدت أوساط يمينية إسرائيلية من لهجتها، إذ طالبت الوزيرة أوري ستروك «بحسم عسكري مباشر»، فيما دعا الوزير إيتمار بن غفير إلى «وقف المساعدات، واحتلال القطاع، وتدمير حماس، وتشجيع الهجرة والاستيطان». أما الوزير بتسلئيل سموتريتش، فاعتبر أنّ «المفاوضات مع الإرهابيين انتهت»، متحدّثاً عمّا سمّاه «وقت النصر». وفي المقابل، شدّدت عائلات الأسرى وشخصيات المعارضة على أنّ «السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف هو اتفاق مباشر مع الحركة»، في حين جدّد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أمام العائلات، التزام بلاده «المطلق» بالعمل على التوصّل إلى «صفقة تعيد الأسرى الإسرائيليين، وتنهي القتال».

الأخبار