<
17 July 2025
استهداف دعاة الإصلاح بدل المرتكبين (جمانة سليلاتي)

منذ بدء عهد الرئيس ميشال عون، تبلور توجه واضح نحو إصلاح القضاء وترسيخ مبدأ المحاسبة. فكانت أولى الخطوات الجريئة لتفكيك منظومة الفساد المزمنة ومواجهة التراكمات التي شوهت صورة الدولة وأعاقت دور المؤسسات. لم تكن المواجهة سهلة، إذ سرعان ما تحوّلت محاولات الإصلاح إلى هدف مباشر لهجمات إعلامية وسياسية تهدف إلى ضرب المصداقية الشخصية لمن يقودون هذا النهج، وفي طليعتهم الرئيس عون والوزير جبران باسيل والتيار الوطني الحر.

اليوم، يعاد نفس السيناريو في قضية رولان خوري، حيث تُوظّف أدوات الرقابة بطريقة انتقائية، لا لضبط المرتكبين الفعليين، بل لاستهداف من تجرأ على وضع يده على ملف الفساد في قطاعٍ حيوي. إن ما يحصل لا يُعبر عن إرادة إصلاح حقيقية، بل يُكرّس نمطًا من العدالة الانتقائية المبنية على الاعتبارات السياسية، لا القانونية.

من منظور قانوني، يُعدّ هذا النمط تهديدًا لمبدأي استقلالية القضاء والمساءلة المتوازنة، ويفتح الباب أمام انتهاكات لمبدأ عدم الشخصنة في الملاحقات، حيث تتحوّل المعايير من قانونية إلى تصفوية.

إن مكافحة الفساد لا يمكن أن تُبنى على الاستنسابية، بل تحتاج إلى منظومة قضائية مستقلة، وآليات رقابية شفافة، ومسار مؤسسي يُحاسب الجميع على قدم المساواة. وهذا ما سعى إليه عهد الرئيس عون، ويُصرّ التيار الوطني الحر على المطالبة به، رغم كلفة المواجهة.

لذلك، إن ما يتعرض له رولان خوري اليوم لا يُمكن فصله عن السياق الأكبر لمحاربة مشروع الإصلاح نفسه، وليس فقط تعطيل آلياته. فالرسالة واضحة: من يُحارب الفساد يُستهدف، أما الفاسدون فتبقى ملفاتهم في الأدراج.

لكن، مهما طال الزمن، فإن العدالة ستأخذ مجراها، وسيُحاسب كل من استباح المال العام والمؤسسات، ولو بعد حين.