<
09 July 2025
إنقلاب إيجابي في العلاقات بين سلام وحزب الله

الديار: رضوان الذيب-

تنفس اللبنانيون الصعداء، وارتاحوا بعد سماع تصريح الموفد الاميركي توماس براك بعد اجتماعه برئيس الجمهورية جوزيف عون، وتفهمه لوجهة النظر اللبنانية.

 

وعمت اجواء من الارتياح عند معظم اللبنانيين بعد كلام براك الايجابي، المناقض كليا للموجة التهويلية التي مارستّها بعض القوى السياسية اللبنانية والعربية والدولية "بالويل والثبور وعظائم الامور" اذا رفض لبنان الورقة الاميركية، وصولا الى تحديد مواعيد بدء الحرب المقبلة، والتأكيد على حتمية الهجوم "الاسرائيلي" الذي سيحرق "الاخضر واليابس"، مما ادى الى مغادرة عدد لا بأس به من العائلات في الضاحية الجنوبية والقرى الجنوبية والبقاعية، والانتقال الى مناطق اكثر امانا.

 

وعاش اللبنانيون وتحديدا أهالي الضاحية والجنوب والبقاع اياما صعبة وقلقا فعليا، ومورس على الرؤساء الثلاثة حملات من مختلف العيارات، حيث تم تحميلهم ما يصيب لبنان من خراب ودمار، في حال تم رفض الورقة الاميركية.

 

وقد طالب البعض بالاستسلام ورفع الرايات البيضاء، ورافق ذلك موجات "تحليلية" على "مد عينك والنظر" على شاشات التلفزة، تبشر بالحرب المقبلة، وتنسب المعلومات الى مصادر اميركية، وكأن مفتاح سياسة ترامب في المنطقة واسرارها عند بعض السياسيين اللبنانيين، الذين اصيبوا "بمغص وعمليات اسهال وهيستيريا"، بعد سماع تصريح براك المعتدل من بعبدا .

 

وحسب مصادر متابعة لما جرى، فان الرؤساء الثلاثة تعاملوا مع المرحلة "بقامات" رجال الدولة، وفرضوا تعتيما إعلاميا على بنود الورقة اللبنانية، وحذروا المستشارين من اي تسريبات اعلامية. وفتحت الاتصالات بين بعبدا وعين التينة والسرايا وحارة حريك على مدار الـ ٢٤ ساعة.

 

وشهدت العلاقة بين الرئيس نواف سلام وحزب الله تطورا ايجابيا وانقلابا كليا، حيث زار الحاج حسين خليل سلام اكثر من مرة بعيدا عن الاعلام، وكذلك نواب الحزب، وفتحت صفحة جديدة بين الطرفين ادت الى تجاوز حاجز عدم الثقة، وتوقف شامل عن توجيه اي انتقاد علني او في المجالس الخاصة من حزب الله تجاه رئيس الحكومة، خصوصا بعد التسريبات من داخل مجلس الوزراء عن النقاشات الدائرة، واعلان سلام ان الورقة الاميركية ليست "منزلة"، والاتفاق يشمل جنوب الليطاني فقط، وهذا ما اثار وزير الخارجية ووزراء "القوات"، واتهام سلام بأنه "ناصري الهوى" والتذكير بتاريخه مع ابو عمار. كما اشاد سلام بتفهم حزب الله لخطورة المرحلة، والثناء على أداء وزيريه في الحكومة، وساهمت اجتماعات سلام وحسين خليل في توحيد الموقف الرسمي .

 

وتضيف المصادر ان تعامل حزب الله الايجابي والمرن مع الورقة اللبنانية وتفهم قلق الرؤساء، عزز الموقف اللبناني، كما ان موقف الحزب كان متناغما مع موقف الدولة اللبنانية، بوقف الاعتداءات "الاسرائيلية" والاغتيالات اولا، وبعدها حزب الله مستعد للدخول بحوار داخلي حول الاستراتيجية الدفاعية.

 

وتؤكد المصادر ان الرؤساء الثلاثة كانوا ضد تسليم السلاح بالطريقة التي يريدها "الاسرائيلي"، وادت الاتصالات المفتوحة بين قصر بعبدا والاميركيين الى تفهم براك وجهة النظر اللبنانية. علما ان الاميركيين كانوا على اطلاع على مجريات الاتصالات اللبنانية خلال الاسبوع الماضي، وعلى بنود الورقة اللبنانية قبل ان يتسلموها رسميا .



وتتابع المصادر ان تصريحات براك كشفت عن تفهمه الكامل للتركيبة اللبنانية واوضاع البلد الطائفية، وعندما تحدث عن الرئيس بري و "قامته السياسية" زايد على وليد جنبلاط بمحبته وثقته برئيس المجلس، وشكل ذلك ردا اميركيا على الانتقادات التي وجهت لرئيس المجلس، والرهان الاميركي على دوره بتليين موقف حزب الله.

 

البلد تجاوز "قطوعا" كبيرا لكنه ليس مفتوحا، ولا يمكن الخروج من هذه الدوامة الا من خلال الشروع ببناء الدولة، والتحرك في كل المحافل لوقف الاعتداءات "الاسرائيلية"، التي تشكل المدخل لحل كل القضايا، فوحدة الموقف الداخلي التي ظهرت خلال المفاوضات مع براك أنقذت البلد كله، والمطلوب العمل لتفكيك الالغام بين السرايا والحارة. هذا الامر يعمق اجواء الارتياح، ويفتح الابواب للقاءات ونقاشات مباشرة بين سلام والحزب .

 

وتختم المصادر بالتأكيد ان لا حروب كبيرة او صغيرة في البلد، والحكومة باقية حتى الانتخابات النيابية، وقرار انسحاب جعجع منها ليس قرارا داخليا، فهو باق لان الحكومة تحظى بالدعم الدولي.

الديار