فرناز فاسيحي -
شوهد الأميرال علي شمخاني، المسؤول الإيراني الرفيع ومستشار المرشد الأعلى، وهو يواجه صعوبة في المشي مستعيناً بعصا، خلال جنازة لقادة عسكريِّين قُتلوا في الحرب التي استمرّت 12 يوماً.
كان يُعتقد أنّ شمخاني قُتل حين استهدفت إسرائيل شقة «دوبلكس» في الطابق العلوي بصاروخ، عندما بدأت هجماتها العسكرية على إيران في 13 حزيران، في بداية حرب استمرّت 12 يوماً وانضمّت إليها لاحقاً الولايات المتحدة.
وتُظهر الصور والفيديوهات التي بثّتها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، أنّ الشقة، الواقعة في مبنى شاهق في الجزء الشمالي الثري من طهران، تعرّضت إلى أضرار جسيمة. فقد انهارت الأسقف والأرضيات في كومة من الحطام المشوّه. وذكرت تقارير الإعلام الرسمي آنذاك، أنّ الأميرال أُصيب بجروح بالغة وأُدخل المستشفى. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن شخص مقرّب من عائلته ومسؤولين إيرانيِّين، أنّه لم ينجُ من الهجوم.
ولم يظهر الأميرال شمخاني علناً أو يُدلِ بأي تصريحات منذ ذلك الهجوم، ما عزّز شائعات وفاته. لكن يوم السبت، حضر مراسم التشييع مرتدياً بدلة وقميصاً أسودَين، وكان يواجه صعوبة في المشي ويتّكئ على عصا. بدا عليه الضعف الشديد، وجهه أنحف، وظهره وكتفاه منحنية.
وأعلنت إسرائيل أنّ الهجوم العسكري على إيران استهدف منشآتها النووية، مصانع الصواريخ، مستودعات الوقود، ومصافي الغاز. كما أصابت الضربات مباني سكنية، زعمت إسرائيل أنّ قادة عسكريِّين وعلماء نوويِّين يَعيشون فيها. وذكرت إيران أنّ هذه الضربات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 935 شخصاً، بينهم 132 امرأة و38 طفلاً. كما أكّدت الحكومة الإيرانية أنّ 30 قائداً وعسكرياً قُتلوا أيضاً.
يُعدّ الأميرال شمخاني (69 عاماً) أحد أبرز الشخصيات السياسية في إيران. وكان قد أشرف على المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل أن تنهار تلك المحادثات. وشغل لسنوات منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وعُيِّن أخّيراً مستشاراً رفيعاً للمرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.
كان شمخاني، المنحدر من أصول عربية من محافظة خوزستان ويُتقن اللغة العربية، بمثابة المبعوث الشخصي للمرشد في مساعي استعادة العلاقات الديبلوماسية مع السعودية بعد سنوات من القطيعة.
وكلّف خامنئي الأميرال شمخاني بالإشراف على لجنة تقود المفاوضات النووية مع واشنطن. وأعلنت إسرائيل أنّها شنّت الهجوم في حزيران لوقف تقدّم البرنامج النووي الإيراني ومنعه من التحوّل إلى برنامج تسلّحي. وانضمّت الولايات المتحدة لاحقاً إلى الضربات في حزيران مستخدمةً صواريخ تُطلق من غواصات وقاذفات B-2 محمّلة بقنابل خارقة للتحصينات لضرب 3 مواقع نووية: نطنز، أصفهان، وفوردو.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، أنّه لا توجد لديها أدلة على أنّ إيران تطوّر سلاحاً نووياً، لكنّها أشارت إلى أنّ البلاد تكدّس 400 كيلوغرام (882 رطلاً) من اليورانيوم عالي التخصيب، ما قد يمكّن الحكومة من تصنيع 10 رؤوس نووية. فيما أكّدت إيران أنّ برنامجها النووي مخصَّص لأغراض الطاقة السلمية.
في مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي يوم السبت، كشف الأميرال شمخاني أنّه كان مستلقياً في سريره وكانت زوجته نائمة في غرفة منفصلة وقت الهجوم. وأضاف أنّ أحد أبنائه الذي يسكن معهما غادر المنزل قبل 10 دقائق من الضربة، وبعد الهجوم تحوّلت غرفته إلى أنقاض.
وأضاف في المقابلة: «في البداية ظننتُ أنّ زلزالاً وقع، فقد انهار الركام فوقي». وعندما سمع مرور سيارة، أدرك أنّ الأمر ليس زلزالاً «قلتُ لنفسي، حسناً، الإسرائيليّون استهدفوني»، على حدّ تعبيره. وذكر أنّه فقد الأوكسجين تحت الركام وواجه صعوبة في التنفّس.
وأضاف، أنّه بقي عالقاً تحت الأنقاض لمدة 3 ساعات. كان يُصلّي ويصرخ باسمَي زوجته وابنه. وفي النهاية، سمِعَته فرق الإنقاذ، وأثناء الحفر بين الركام، كشف أنّهم رأوا قدمَيه أولاً قبل أن يُخرجوا جسده بالكامل. ولم يتطرّق في المقابلة إلى ما إذا كانت زوجته قد أصيبت.
وذكر الأميرال شمخاني أنّه تعرّض إلى إصابات خطيرة، بما في ذلك إصابات داخلية، تضرّر في السمع، وكسور في عظام صدره. وخلال المقابلة التلفزيونية، بدا صَوته أجشاً وكان يتحدّث ببطء، وأحياناً بدا وكأنّه يواجه صعوبة في إتمام الجمل.
في بداية المقابلة، كان يتنفّس من خلال جهاز «السبيوروميتر التحفيزي»، وهو جهاز طبي يُستخدم عادة لتمرين الرئتَين بعد جراحة أو إصابة في الصدر، وأقرّ بأنّه يعرف سبب استهداف إسرائيل له، لكنّه لا يستطيع البوح به علناً. كما زعم أنّه لعب دوراً في «إيلام إسرائيل».
وأكّد الأميرال شمخاني أنّ جميع القادة العسكريِّين البارزين الذين قتلتهم إسرائيل في حزيران، كانوا من أصدقائه المقرّبين الذين كان يُخطِّط معهم الاستراتيجيات، مضيفاً أنّ المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة كانت «مفاوضات خادعة» لتمهيد الطريق للهجوم على إيران.