الأخبار: لمياء إبراهيم-
تعرّض المرسوم التشريعي الخاص بإنشاء «هيئة وطنية للعدالة الانتقالية» لانتقادات شديدة من قِبَل بعض السوريين، لِما فيه من تقزيم لمفهوم «العدالة»، وتضييق لمسارها عبر حصْرها بجناة دون سواهم؛ فيما رحّب به آخرون باعتباره خطوة على طريق تحقيق العدالة، التي يَظهر أنها انتقائية وليست انتقالية.
وحصر المرسوم، الصادر أخيراً، التحقيق والمحاسبة بـ»الانتهاكات الجسيمة التي تسبّب بها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا».
ومع أن نص المرسوم تضمّن عبارة «ترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية»، لكنّ اقتصاره على المحاسبة عن جرائم الأسد دون سواه، أصاب صميم آلية الردع والتعويض والمصالحة وبناء دولة قانون لكلّ السوريين.
ويرى المحامي إبراهيم اليوسف أن المرسوم «لم يُعالج ملف العدالة الانتقالية بالشكل الصحيح، كما أنه لم يقم على أسس قانونية سليمة». ويقول في حديث إلى «الأخبار»: «كان على الحكومة السورية، وبعد التحرير مباشرة، أن تشكّل هيئات قضائية مستقلّة ذات خبرة وكفاءة وموثوقية للفصل في ملفات العدالة الانتقالية، التي تتفرّع إلى ثلاثة محاور: جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية والتهجير القسري والحصار والتجويع وملف المفقودين، جرائم الفساد وسرقة المال العام ومقدرات الدولة، وملف التعويض على المتضررين»، ذلك أن «الهيئات القضائية هي المخوّلة متابعة ملفّات الدعاوى وتنظيم الضبوط وإلقاء الحجوزات وإذاعات البحث وإصدار القرارات والأحكام وتقدير الأضرار والتعويضات، وغيرها من الأصول القانونية والقضائية، كما لديها الخبرة في توحيد الأحكام وتسليم المجرمين ومخاطبة الإنتربول الدولي والمحاكم والجهات الدولية».
«لم يُعالج ملف العدالة الانتقالية بالشكل الصحيح، كما أنه لم يقم على أسس قانونية سليمة»
لكن ما جرى، وفق ما يضيف، «أصبح بحاجة إلى ملفّ عدالة آخر، إذ يجب محاكمة المسؤولين على جريمة إقصاء القضاء عن أداء عمله الدستوري… حيث جرت تسويات سياسية مع مجرمين، وعوقب وقُتل أبرياء خارج إطار القضاء، وضاعت الحقوق والأموال العامة التي كان من المفترض الإسراع في ملاحقتها قضائيّاً لتخصيصها أولاً لجبر الضرر، ما أدّى إلى حرمان المظلومين وأصحاب الحقوق المنتهَكة من التعويضات».
على أن تجاهل آلام فئة من الضحايا في المرسوم الذي حمل الرقم 20، لم يكن هو الطامة الكبرى؛ إذ اختير لترؤّس مسار حسّاس كـ»العدالة الانتقالية»، أحد الداعمين لطرف عسكري ارتكب انتهاكات وتسبّب بسقوط ضحايا. وعُيّن عبد الباسط عبد اللطيف رئيساً للهيئة، كما كُلّف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي.
وكان عبد اللطيف شغل منصب رئيس المكتب السياسي لـ»جيش أسود الشرقية»، فضلاً عن أنه شارك في عضوية «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية».