هو مشهدٌ مفرحٌ لمن سُرقت أموالهم وودائعهم طوال أعوام. مفرحٌ لمن لا يزال يتمسك بعدالة ولو بعد حين، لمن لا يزال يناضل ويواجه المنظومة المصرفية – السياسية التي تُطبق خناقها على النظام والإعلام والمال. وفي طليعة المناضلين، قاضيةٌ شجاعة إسمها غادة عون، والتيار الوطني الحر بقيادته وشبابه الذين ما تركوا منفذاً إلا وحاصروا فيه محاسِب المنظومة من مقره إلى منازله...
على أنَّ هذه الفرحة الرمزية، لا تصِل إلى خواتيمها المنشودة حتى استكمال مسار العدالة والمحاسبة حتى النهاية. هنا، تصبح الشكوك مشروعة نظراً لسعي المنظومة المحموم لإقفال ملف "أوبتيموم" وغيره، بما في ذلك محاولة "السطو" على الملف من يدي القاضية غادة عون وتحويله إلى قضاة آخرين.
لكن، وإضافة إلى رمزية أن يخرج سلامة مخفوراً من قصر العدل، تواتَرتْ معلومات عن أنَّ سلامة ما كان لتوضع الأصفاد في يديه لولا أن الغطاء الدولي الممنوح له منذ عقود، قد رُفع عنه تمهيداً للملاحقات وتفعيلها.
على أن هذا الجو، لا يعفي اللبنانيين من مسؤولياتهم، وهم المعنيون الأول بحقوقهم، من المراقبة والمساءلة، فلا تغريهم الحفنة الضئيلة التي يسحبونها من المصارف شهرياً بموجب تعاميم أريدَ لها أن تكون بديلاً من خطط إصلاحية جذرية لهيكلة المصارف ورد الودائع، ومن بينها خطة "لازار" الشهيدة في أروقة مجلس النواب وتحت سنابِك مصالح الأولغيارشية.
وفي المواقف، أكد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أننا "كنا في التيار الوطني الحر قد أعددنا شكوى حول ملف أوبتيموم لتقديمها الى القضاء الفرنسي عبر أحد نوابنا بعدما إنتظرنا طويلاً أن تتم المحاكمة عبر القضاء اللبناني بعدما تمّ سحب الملف من يدي القاضية عون". وأمل باسيل "أن يمضي القضاء حتّى النهاية دون التأثّر بالضغوط، ودون السماح بالألاعيب"، منبهاً "من التراجع لأننا لن نسكت ولن نستسلم".
على خط آخر، تتوجه الأنظار إلى ما يمكن أن تُسفر عنه الإتصالات واللقاءات الفرنسية السعودية المتجددة حول ملف رئاسة الجمهورية، في مرحلة ما بعد عودة الوضع الجنوبي إلى ما كان عليه قبل رد حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر. ذلك أنه في موازاة استمرار بعض القوى على تشددها في مواقفها، ترتفع الحاجة إلى مبادرات خارجية، تواكب تلك المرفوعة من بعض الداخل الحريص على صناعة لبنانية استقلالية ذاتية لرئيس جمهورية لبنان.