<
02 November 2023
مارون مبارك في قداس تذكار الموتى: مدعوون للانفتاح الصادق على بعضنا بعضا كي نكون سندا في مواجهة الصعوبات

 ترأس الاب العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة مارون مبارك قداسا احتفاليا لمناسبة "تذكار الموتى المؤمنين" على مذبح كنيسة مار يوحنا الحبيب في جونيه، عاونه فيه لفيف من الكهنة، وحضره حشد كبير من المؤمنين والمؤمنات، حيث تناول في عظته "ابعاد هذه الذكرى السنوية روحيا وايمانيا التي تقوم بها الكنيسة لذكرى من سبقونا للقاء الله وتلمس نعمه وبركاته"، وقال: "تدعونا الكنيسة دائما إلى التقوى والانفتاح على الله، تذكرنا في تعاليمها ان نكون دائما على جهوزية تامة للقاء الله، فالموت شىء مفاجئ، لا يدرك الإنسان متى تأتي الساعة مع زين بالإيمان والتقوى والرجاء ومحبة الاخر للانتقال إلى قطف الثمار الجيدة التي زرعناها من خلال أعمالنا وتصرفاتنا على الارض، فننال مجد السماء. من أجل ذلك نتذكر موتانا ونصلي لهم لتحتضنهم رحمة الله بمحبته الابوية  كي يعتبروا بصورة صحيحة إلى السعادة الأبدية".

واشار الاب مبارك إلى المثل الذي قدمه يسوع لنا عن الرجل الغني والرجل  الفقير والغنى في معانيه، فتحدث عن "شخصين مختلفين في الحياة أحدهم غني يرتدي الحلى والذهب والحرير ويأكل ما تشتهي نفسه من اطياب، ومرتاح لوضعه، لكنه لا يتطلع الي من حوله ولا يلتفت إلى الله في يومياته، ورجل فقير، مريض ومعدم مسخن بالجراح تحوطه الكلاب الشاردة فتلعق جراحه اسمه ليعازرمن وتشاركه  ما تبقى من فتات مائدة الرجل الغني، وفي المفهوم اليهودي التوراتي "الكلب يعتبر من الحيوانات النجسة والمكروهة".

وشرح الاب مبارك المثل الذي أعطانا اياه يسوع قائلا: " لم يقصد يسوع في المثل ان الغني سيذهب إلى السماء و الفقير إلى جهنم، لا، ان ما قصده يسوع هو عمق الإيمان الذي يتمتع به الإنسان، فإذا الغني يملك كل الألوان والحلى التي تربطه بالأرض، لكنه لا يملك اللون الذي يذكرنا بوصايا الله. والتي منها احترام الإنسان لربه ومعرفته به وتعاليمه ووصاياه وبالمثل القائل " يا انسان انت من التراب والى التراب تعود"، فالغني ربط كل خيراته بالأرض مغلقا عينيه عن الله وتعاليمه السماوية، فيما الفقير كان متكلا على رحمة الله ومحبته، ويتطلع إلى الغني مشتهيا ان يأكل من فتات الخبز المتبقية عن مائدة الغني والتي تقاسمه اياه الكلاب الشاردة، ويقول الانجيل  ان "ليعازر توفي قبل الغني حملته الملائكة إلى حضن ابراهيم ، فيما الرجل الغني اقيم له مأتم  عظيم لكنه دفن بالأرض ، بكل بساطه، والمغزى أن الصورتين التي أعطانا اياهما الرب ليقول لنا فيهما "أمام الموت تنكشف والحقائق حقيقة الإنسان، حقيقة الموت تكشف حقيقة الحياة التي عاشها الإنسان على آلارض بخيرها وشرها، فالله حاسب الغني على أفعاله من حيث عدم اهتمامه لا بالدين ولا بالشقة والرحمة بالآخرين، فيما حاسب ليعازر على إيمانه وتقوله وصبره مؤمنا بأن كلمة الله ان لم تفعل بحياة الإنسان فلا شئ يفعل".

ولفت الى ان "الانسان سيدفع ساعة الحقيقة فاتورة اعماله احسنة كانت أم سيئة، لذلك ما نعيشه اليوم سيقرأ يوم الحساب بأية رحمة وإيمان وتقوى عاش كل منا لننال ما نستحق من سعادة سماوية "، وتحدث عن "حكاية تروى في مدارس اليهود  قيل فيها ان تلميذا سأل استاذه الرابي لماذا يشعر الفقراء مع بعضهم البعض فيما الاغنياء لا يشعرون الا بأنفسهم فقط؟. قال له المعلم، انظر من النافذة وقل لي ما رأيت، فنظر التلميذ الدقائق ثم قال لاستاذه رأيت الشمس والسماء والناس تسير وتتحدث مع بعضها البعض. عندها طلب الرابي من تلميذه ان ينظر إلى المرآة ويخبره ما رأى، فنظر. التلميذ الي المرآة وقال رأيت نفسي فقط، عندها قال المعلم يا بني أكانت النافذة او المرآة فهما مصنوعتان من زجاج اي من ذات المادة، لكن المرآة تطلى بطبقة من الفضة وعندما تكثر الفضة في حياتنا لا يعود الإنسان قادرا على رؤية نفسه، بينما الإنسان الذي في حياته، شفافية لا طلاء عليها يستطيع الإنسان أن يرى غيره بصورة حقيقية وحميمية أوضح واصدق وهذا منا ونحن مدعوون لان نكون منفتحين على بعضنا بعضا لا سيما في هذه الأيام الصعبة التي نمر بها، كم نحن بحاجة إلى هذا الانفتاح الصادق كي يعطينا الرب القدرة الروحية والايمانية والتقوى والنعمة لنكون سندا لبعضنا بعضا لمواجهة كل صعوبات حياتنا".

وختم الاب مبارك عظته داعيا إلى "رفع صلواتنا اليوم لراحة نفوس موتانا بالشراكة مع القديسين الذين سبقونا، وهي التي ندعوها الكنيسة المنتصرة، وامواتنا هي الكنيسة المتألمة التي ستصل الى الانتصار، ونحن المؤمنين الأحياء والكنيسة المجاهد التي تصلي للناس المتألمين ليرحمنا الله، ونطلب من الذين انتصروا ان يصلوا معنا ويتشفعوا فينا فنعيش النعمة التي يعطينا اياها يسوع لتزداد حياتنا فرحا وبركة وإيمان".