<
18 March 2023
من لا يطالب بإعادة الودائع يساهم في خراب لبنان..

تعرّض مصرفا «سيليكون فالي» و»سيغنتشر» Silicon valley and Signature Banks في الولايات المتحدة إلى الإفلاس خلال الاسبوع الماضي.

وفي خطوة أولية، أكّد الاحتياطي الفدرالي ووكالة التأمين على الودائع الفدرالية، حماية كل قيمة الودائع في مصرفي «سيليكون فالي» و»سيغنتشر بنك»، حتى الودائع غير المؤمّنة. وتمّ الاعلان انّ جميع المودعين سيحصلون على أموالهم كاملة الاثنين 13 آذار.

كذلك صرّح الرئيس جو بايدن، انّ إدارة المصارف الفاشلة ستفقد وظائفها ولن تتمّ تغطية خسائر المساهمين. وانّه سيسعى إلى محاسبة المسؤولين والضغط من أجل رقابة وتنظيم أفضل للمصارف.

من هنا، يجب إجراء مقارنة بسيطة بين طريقة المعالجة الاميركية لأزمة المصرفين والأزمة اللبنانية، لنتمكن من استنتاج العِبَر، ونرى كيف تتصرف الدول التي تحرص على المحافظة على اقتصادها:
- اولاً، كان الحلّ الاميركي السريع مبنياً على حماية المودعين اولاً، بتغطية قيمة الودائع، على الرغم من انّ الحكومة غير مسؤولة عن الإفلاس الذي حصل، وهذا نابع من الاقتناع الثابت في انّ ضياع الودائع سيؤدي إلى فقدان الثقة، وهذا يمكن ان يؤدي إلى سلسلة من الانهيارات المتلاحقة. اما في لبنان، فتمّ التصرّف مع الودائع منذ اليوم الاول باستخفاف، وتمّ حرمان الناس من حقوقهم.انّ هذا الإصرار الاميركي على حماية الودائع في الدرجة الاولى، هو حماية لكل القطاع المصرفي الاميركي. فالإدارة الاميركية تُدرك انّ خسارة الودائع تشكّل خطراً على كل القطاع المصرفي الاميركي، وبالتالي الاقتصاد الاميركي.

- ثانياً، حمّلت الادارة الاميركية الاداريين والمساهمين في كلا المصرفين، المسؤولية الكاملة، نتيجة لسياساتهم الخاطئة، وليس كما يحصل في لبنان، يتمّ حماية اصحاب المصارف وثرواتهم على حساب المودعين.

ـ ثالثاً، تحرّكت وزارة الخزانة الاميركية والاحتياطي الفدرالي والمؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع سريعاً، للاستحواذ على المصرفين، لتقييم الخسائر وأملاك كلا المصرفين، لتأمين ردّ الودائع سريعاً. اما في لبنان، وبعد مرور اكثر من ثلاث سنوات من سرقة ودائع الناس، لا مساءلة لأي مصرف والتحقيق في أرباحه وخسائره ووضعه الحقيقي، والاستحواذ على المصارف المتعثرة، بل تمّ التستر على المصارف التي استمرت في تقليص الودائع بطرق ملتوية وتحقيق أرباح اضافية.وهذا يدفعنا إلى التساؤل، لماذا الدول التي تدّعي انّها تريد مساعدة لبنان لا تفرض على الحكومة اللبنانية تصرّفاً مشابهاً لما حصل في الولايات المتحدة في لبنان؟ على العكس، يظهرون وكأنّهم يشجعون ويحمون المسؤولين عن الأزمة التي دمّرت حياة الناس. فلماذا لا تفرض هذه الدول المعايير نفسها في بلدنا، عبر المطالبة الصارمة بحماية المودعين ومحاسبة المسؤولين عن الأزمة؟

ونكرّر، انّ إعادة الثقة للقطاع المصرفي هي خطوة أساسية ومطلوبة. فمن دون إعادة الثقة بهذا القطاع لن تنجح اي محاولة في تخطّي الأزمة الاقتصادية وإعادة النمو، ولن نستعيد الثقة من دون إرجاع الودائع ومن دون اعتماد الشفافية المطلقة في عمل الدولة.

الجمهورية