<
25 January 2023
الأزمة اللبنانية من منظار غربي: طريق الحل مسدود!

التوترات المتنقلة، والإشكالات بين القوى السياسية، تحجب في كثير من الأحيان التطلّع الى ما يحصل في لبنان من زاوية مكبّرة. وإذا كان السؤال حول سبب عدم الانفجار التام حتى الآن، رغم منحى الانهيار الاجتماعي والمالي، أصبح عادياً بلا أجوبة شافية، فإن نقاشات غربية خارج لبنان أصبحت تركّز أكثر على مستقبل الوضع اللبناني ربطاً بما يحصل في سوريا.

ثمة خلاصة أولية تنتهي إليها هذه النقاشات، وهي أنه كما وصلت القضية الفلسطينية الى حائط مسدود، ووصلت سوريا الى طريق مسدود بعد حربها الطويلة وتعدّد هويّة التدخلات فيها، فإن الوضع اللبناني وصل كذلك الى طريق مسدود. أمر وحيد لا يزال يقف عائقاً أمام الانهيار التام، هو رغبة دولية في منع ما قد يتحوّل إلى حرب متفلّتة من كل ضوابط أسوة بما حصل في سوريا، أو بما سبق أن استخدم في لبنان سابقاً واستنفدت الغايات منه.

في النقاش الخارجي أمران أساسيان، هما: موقفا الولايات المتحدة والسعودية. في الموقف الأول، هناك تأكيد لما لا يريد البعض في لبنان الاعتراف به، وهو أن واشنطن مبتعدة في شكل شبه كامل عمّا يحصل في سوريا، في الشكل الذي يجعلها تستثمر فيها سياستها الإقليمية. وهذا الأمر ينسحب تأثيره على سياستها في لبنان. فهي تتعامل مع ما يحصل فيه بالحدّ المطلوب لمنع انهياره وحفظ بعض الاستقرار فيه، وهذا أصبح لازمة يكرّرها المعنيون الفاعلون في الدبلوماسية الأميركية.

أما الموقف السعودي، فيشبه الموقف الأميركي وإن في شكل أكثر تطوراً. لا تريد السعودية التدخل رغم محاولات عربية – خليجية محدودة لإعادة استدراجها الى سوريا، وتلقائياً لا تريد التدخل في لبنان وفق المنظار ذاته الذي ترسم به سياستها في البلدين، مهما جرت محاولات غربية أو إقليمية لجعلها عنصراً أساسياً في أي حل مطروح لمعالجة أزمة البلدين. ما يخص لبنان، ورغم أنه يشكل خصوصية بفعل وجود حلفاء وأصدقاء لها فيه، ورغم بوادر حوار إقليمي لم ينضج في شكل كامل، إلا أن الثابت لديها حتى الآن أن ابتعادها عن بيروت سياسياً يعادل ابتعادها عن سوريا. وفي ذلك سلبية على الوضع اللبناني، لأن من يقرأ بجدية موقفها الموحد، ويسعى الى تليينه، يتعامل معه على أنه ربح صافٍ لإيران في بيروت ودمشق معاً.

في موازاة هذين الموقفين، كان التشديد على أن من الصعب التعامل مع الأزمة اللبنانية على أنها مرشحة للحل في وقت قريب. الكلام عن أفق مسدود بات شائعاً في المداولات. وثمة رؤية متشائمة معطوفة على وقائع عملانية، بأن ما كان يمكن أن ينجح فيه لبنان للخروج بحدّ مقبول من الخسائر ومن محاولات وضع أسس أولية للحل، لم يعد متاحاً في الوقت المنظور. وأيّ تعويل على أدوار خارجية حالياً بات ضرباً من الأوهام.

الأخبار